إن طريقة صف أوعية الأزهار- على جانبي الشارع المؤدي إلى (قصر الشعب) - تعنيني بعض الشيء. فإذا تغيرت، أنزعج. وقد تنزعج كذلك العجوز، أو الفحام إذا مرا من هناك. ولكني لا أعتقد أن لدينا الانطباعات ذاتها. فانطباعاتي تترجم بعلامة استفهام. إنها مهنتي، هذا كل ما في الأمر.
لكن الميدان الذي أقوم فيه بالملاحظة بشكل خاص، هو ميدان الأفكار. وهنا أيضا تختلف تجربتي وانطباعاتي، عن تجربة المرحومة جدتي وانطباعاتها. فتجربتي تدفعني إلى طرح الأسئلة: ما نوع الاهتمام الموجود في رأس (الداخداخيات) تجاه الأفكار التي أحملها؟ التي تحملونها أنتم؟ التي نحملها جميعا في هذا البلد؟ ذلك هو السؤال الذي يجب طرحه، إذا أردنا الدخول في صميم الموضوع، أي (معرفة ما تنفذه الأرجل).
من الواضح، أن الرأسمال الفكري لبلد ما جوهري بالنسبة له، بقدر (أو أكثر) مما هو جوهري رأسماله بالدينار، أو رأسماله بالدولار، أو حتى رأسماله البترولي. والأمر بالنسبة لهذا الرأسمال الأخير، واضح:(٥٠) بالمئة من ريعه تبقى في الخارج، بناء على تقديرات دقيقة.
لقد بدأت اللوحة تتضح. وهي تزداد وضوحا بما فعله العراق، لكي يستعيد جزءا من هذه النسبة المئوية. فقد اتخذ العراق منذ فترة قصيرة قرارا أعاره الغربا أهمية بالغة، وهو يخص حقل الرميلة، الذي قرر أن يستثمره بوسائله الخاصة. ومهما يكن من أمر، فإنه من واجبنا أن نعير رأسمالنا الفكري على الأقل الاهتمام ذاته، الذي توليه إياه (الدخداخيات) فهذه الأخيرة تعرف كيف تقدر الأشياء حق قدرها، في هذا الميدان كما في الميادين الأخرى. ونحن نستطيع أن نهتدي بتقديراته، ولكنه بالطبع يحتفظ بسره لنفسه. وعلينا أن نخلق بأنفسنا الآلة التي بها نزن الأفكار. أولا لاستعمالنا الخاص. ثم لكي تقدر الاهتمام والصعوبات الخاصة للدخداخيات في هذا المجال ذاته.
تلك هي في الواقع المسألة في وجهيها الاثنين. وهي مسألة صعبة. بالنسبة لنا،