وعلى أي حال، لم يكن لكل هذا الأمر أهمية في جو الرعب، في جو الجنون الجماعي، كل الشعوب تتفوه بالحماقات في لحظة الأزمات، وحتى رجال الدولة كذلك، كما فعل (بول رينو) ( Paul Reynaud) في إحدى أمسيات حزيران من العام ١٩٤٠.
ليس هناك إذن من داع لأن نلوم أنفسنا إذا قلنا بعض الحماقات في لحظات الرعب، فهذا إنساني.
ولكن لابد من التييز، فالمحاقة التي (تقال) تذهب مع الريح، أما الحماقة التي (تكتب) فهي لا تمر سريعا، بل من الممكن أن تتحد مح التفكير، وأن تصبح مسلمة، فتعرقل لاحقا التفكير والعمل في آن معا. ويمكن في ما بعد أن تتخذ صلابة العقيدة في الأطروحات الجديدة لبعض الشارحين، وهذا ما بدأ يحدث في هذه اللحظة في بعض الدراسات التي تتم حول المشاكل الاقتصادية للعالم الثالث.
إن التخلف لا يتعلق بالإنسان المتخلف فحسب ولا ببعض الدول المتطورة التي تضخ أدمغته القليلة كما تضخ مواده الأولية الثمينة.
لقد اكتسب التخلف بعدا جديدا في بعض الدراسات التي تتضن أيضا (بكين) و (موسكو) هذا هو (الحمار) الجديد الذي نوشك أن نمتطيه في حال اتباعنا تفسيرات هؤلاء الاقتصاديين العابرين.
إننا نجد نموذجا من هذا الشرح الجديد في مجلة متخصصة بمشاكل العالم الثالث، وهي تصدر في (روما) تحت عنوان (القارات الثلاث)، فهذه المجلة تخصص في عددها الأخير (العدد الثالث) دراسة شاملة لمشكلة المواد الأولية، والمقصود هنا (معركة المواد الأولية). يبدأ كاتب المقال بملاحظة عامة تبين كيف أن العالم الثالث يتلق أي مساعدة من دول المعسكر الشرقي، الذي أغدق عليه الكلمات المعسولة.