ثم تتحدد التهمة، يضيف صاحب المقال:"ولكن يليق أن ننبه إلى أن الاتحاد السوفياتي والديموقراطيات الشعبية والصين يعملون بصفة عامة وكأنهم مشترون تقليديون تماما".
ولكن هذا الانتقاد بحد ذاته أليس هو تقليدا كذلك؟ من الواضح أنه يطرح المشكلة بأسلوب تقليدي، وذلك حين يضع كامل تبعات تقهقر عناصر التبادل في أسواق المواد الأولية، على التفكير الشيطاني (للمستغلين)، وذلك دون أن يأخذ بالاعتبار ردات الفعل الفوضوية للذين يخضعون للاستغلال.
أيضا، هذه الطريقة في رؤية المشكلة تقليدية، كذلك: إنها حمار عتيق، ذلك لأن ما ينظم التبادل في الأسواق ليس روابط الصداقة، بل الروابط الاقتصادية، فالعواطف النبيلة والنوايا الحسنة لا تستطيع شيئا، حيال القانون الصارم للعرض والطلب.
وإذا كانت بكين وموسكو في إطار اقتصادي وسياسيها معين، تستفيدان من هذا القانون في الأسواق كما تستفيد سائر دول المعسكر الصناعي، فذلك ربح يعود إلى الروابط العامة التي ترتبطان بها نفسهما من خلال اقتصاد العرض والطلب.
ذلك أن تلك الدول ملزمة في الأسواق بتأمين وجود مزدوح، من حيث هي بلاد تستورد المواد الأولية مثل أميركا، ومن حيث هي بلاد تصدر هذه المواد الأولية محولة مثل ألمانيا إذا أردت. ويستقر إذن ميزانهم الاقتصادي لعلاقاتهم مع العالم الثالث من جهة ومع العالم المتطور من جهة أخرى، لدرجة أن كل تغيير أحادي الجانب، يطرأ من جهتهم على علاقاتهم مع العالم الثالث، يخل بالتوازن، ويسيء إلى علاقاتهم التنافسية بعضهم مع البعض الآخر.
فتحديدهم لأسعار المواد الأولية لا يمكن إلا أن ينظم بتلك المقاييس التقليدية، تماما كتحديد المواد الصناعية.