شخص (جان بول سارتر)، لدى زيارته لجامعة عربية أخرى؟ خاصة إذا ما تذكرنا أن كاتبا عربيا وضع نفسه تحت تصرف الدولة ذاتها (في حال الاعتداء)، وذلك قبل الاعتداء الإسرائيلي بشهر واحد. لم يرسل إليه حتى إشعار بوصول تلغرافه.
يا له من مرض! إننا لا نفقه الفروقات الصغيرة. إننا بليدو الذهن. ومن المؤكد لا يترتب علينا- نحن العرب- أن نعطي للأخرين دروسا في الإخلاص في للمبادئ. فنحن ذاتنا نحتاج إلى مثل هذه الدروس!
هنا يكمن على ما يبدو فحوى سؤال الصديق (س. هـ) كنت أتمنى رغم ذلك أن يطرح سؤاله بشكل أشد وضوحا، خاصة فسما يتعلق بتلك (المساومات) التي كنا ضحيتها كما يقول.
ومهما يكن من أمر، فإننا يجب ألا نرى في هذا مسألة مصادفة، أو مجرد حادث في الطريق، أو مشهد من مشاهد الحياة السياسية.
المشكلة أعمق من ذلك.
إن منظمة الوحدة الإفريقية لم تفعل ما فعلته في الأمم المتحدة إلا ما كان يتحتم عليها أن تفعله، بالمصادفة أم بغيرها.
يجب فحص الأشياء بعمق شديد، حين يسجل شعب من شعوب العالم الثالث، في نهاية معركته البطولية، كلمة (السيادة) في مطلع دستوره، فهذا ليس في كل شيء. إن الإمبريالية لا تختفي بذلك من الوجود- إنها تترك بكل بساطة وسائل ظاهرة في سبيل التمسك بوسائل أخرى، قد تكون غير مرئية (ولكن ليس على الدوام). ولكنها أشد مرونة وأشد فعالية. وتقدم المناقشة الأخيرة في الأمم المتحدة مثالا واضحا جدا لهذه الظاهرة، يجب على العمل الثوري إذن أن يتضمن مبدأ عاما هو: لكي ننزع الاستعمار عن الأرض، يجب أن ننزععه عن الأذهان.