ولكن إذا كانت علينا بعض الظروف الخاصة ترغمنا على اتباع عكس في ذلك، فإنه من واجبنا على الأقل أن ننزع الاستعمار عن الأذهان بعد نزعه عن الأرض.
لقد ترك لنا (غاندي) درسا حول فحوى التحرير في بلد مستعمر، في سنة ١٩١٧، وبمناسبة استئناف الدروس في المعهد الذي أسسته (الآنسة أني بوسانت) أو (بمناسبة افتتاحه)، توجه إلى مواطنيه بقوله:"إن الهند لا تستحق الاستقلال، ما دام المار في أحد شوارع بومباي أو كالكوتا معرضا لأن يتلقى بصقة على رأسه من إحد في النوافذ".
وفي زمن أقرب إلينا، عندما سحق الشعب الصيني الإمبريالية في سنة ١٩٤٨، لم ينقض على (الأموال السائبة) في بكين للمتاجرة بها. بل كان أول همه أن يشمر عن ساعديه ليخلص عاصمة إمبراطورية الشمس القديمة من أطنان النفايات التي كانت تغرق تحتها.
إن مشروع قنبلة هيدروجينية (وهذا ليس سوى مثل) لا يمكن أن يدرك ولا أن يحقق فوق كومة من الأوساخ. تلك هي الانتصارات التي تحرر الفكر، ويأتي حتما تحرير الأرض بالسلاح بعدها أو قبلها.
إن شعبا يناضل ضد الإمبريالية يجب ألا ينام على أكاليل انتصاره الأول.
فالديموقراطية لا تكمن في كلمة تسجل في مطلع الدستور. بل تحول الإنسان هو الذي يخلقها. المواطن هو الذي يحملها في أحشائه، وبالأحرى حين يتعلق الأمر بالنخبة من المواطنين.
بذلك فقط، تصبح النخبة الإفريقية غير قابلة للتأثر بإيحاءات الإمبريالية على الصعيد الفكري، وغير قابلة للخضوع لمشاريعها على الصعيد السياسي.
بذلك فقط تستحق إفريقية، ونحن جزء منها، أن تنال استقلالها، كما يقول