للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوفي في عُرفهِم، لَا يصحُّ الوقفُ على المتَّصِف بها، ومثلُ هذا محكيٌّ عَنِ الشَّافعي، رحمَهُ اللَّه، رأيتُ في جزءٍ من كلام المُزَنيّ (١) أنَّ الشافعيَّ سُئِلَ عنِ الصُّوفي، فقالَ: رجُلٌ أكولٌ جَهولٌ، كَثيرُ الفُضُولِ، وفي بعض طُرُقِهِ نؤوم.

وقدْ ساقَ مثلَهُ الحافظُ، أبو عبدِ اللَّه بنُ النَّجّارِ (٢) عن الشَّافعيّ: ". . . والوقفُ على المتَّصفِ بهذه الصِّفات والوصيَّةُ لَهُ لا تَصحّ".

وأمَّا منْ قال يصحّ، فاختَلَفتْ آراؤُهم في المُستحِقّ.

فقالَ القاضي الحسينُ الشافعي في "تعليقته" (٣)، إذا وُقفَ على الصُّوفيَّة صحَّ، ويصرف إلى المشتغل بالعبادَةِ في غالبِ الأوقَاتِ، فأمَّا منْ يشتغلُ بالأكلِ والسَّماعِ والرَّقصِ فَلَا. وتبعَهُ على ذلك أبو سعيدٍ المتَولّي (٤)


(١) المزني هو إسماعيل بن يحيى، أبو إبراهيم ت ٢٦٤ هـ، له مختصر المزني في فروع الشافعية طبع بهامش كتاب الأم للشافعي سنة ١٣٢١ هـ/ ١٩١٣، بالمطبعة الميرية الكبرى ببولاق انظر، ابن خلكان: وفيات، ٢/ ٢١٧ (ترجمة ٩٣)، الحسيني، أبو بكر هداية اللَّه، طبقات الشافعية، ٢٠.
(٢) هو الحافظ، محب الدين، أبو عبد اللَّه، محمد بن محمود بن الحسن، المعروف بابن النجار البغدادي ت ٦٤٣ هـ، انظر ترجمته في، الذهبي: تذكرة الحفاظ، ٤/ ٢١٢ (ط. حيدر أباد)، ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب، ٥/ ٢٢٦، ابن الفوطي: الحوادث الجامعية، ٢٠٥، الكتبي: فوات الوفيات، ٢/ ٥٢٢ (ط, القاهرة).
(٣) القاضي الحسين: هو أبو علي، الحسين بن محمد بن أحمل المروروذي (ت ٤٦٢ هـ)، من كبار أصحاب القفال، يلقب بحبر الأمة، ومن كبار فقهاء الشافعية، له التعليقة المشهورة في الفقه، انظر، السبكي: طبقات ٣/ ١٥٥، ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب، ٣/ ٣١٠، ابن خلكان: وفيات الأعيان، ٢/ ١٣٤، ابن خلدون: العبر، ٣/ ٢٤٩.
(٤) هو أبو سعيد، عبد الرحمن بن مأمون بن علي بن إبراهيم النيسابوري (المتولي) =

<<  <   >  >>