حتى إذا قضيت صلاة المغرب مدَّ للفقراء سماطًا اشتمل على قريب مئة زبدية عادلية، في كل زبدية خروف صحيح رضعي، وحوالي ثلاث مئة زبدية في كل واحدة ثلاثة طيور دجاج وغير ذلك من أنواع الطعام، وبعد العشاء وإتمام الصلاة شرع الحاضرون في الغناء والرقص، حتى إذا ما تعبوا مَدَّ سماطًا من الحلوى والقطائف الرطبة والمقلوة المصنوعة بالسكر المصري والفستق والمسك ثم رقصوا وغنوا جميعًا، ومن ثم مُد سماطًا عظيمًا من الفواكه النادرة في غير موسمها من سفرجل وتفاح وكمثرى ورمان وبطيخ، وبعدها عادوا إلى الرقص والغناء، ومن ثم مَدَّ سماطًا من المكسرات على أنواعها من قصب عراقي وفستق وبندق وزبيب، والكعك المحشو والخشكنان (أقراص من الدقيق والحلوى)، والبقسماط وغيرها، وكان شرابهم مصنوعًا بالثلج والسكر وعاء الخلافه (نوع من الصفصاف المصري المستقطر)، وماء الورد، إضافة إلى المباخر المعمرة بالند والعنبر والعود الهندي حتى إذا كان وقت السحر دخلوا حمامًا مجاورًا لدار لاجين، فاستحمّوا وأُلبسوا القمصان والثياب الجدد، وبعد الحمام عادوا إلى الدار فأُشربوا الأشربة التي تناسب الحمام، ومن ثم مد لهم سماطًا من الحلوى الساخنة، وبعدها ينصرفون.
والتقدير حالة الناس آنذاك، فقد علّق اليونيني على وقوع هذا السماع، بأنه أقيم، والناس في ضنك، فغرارة القمح بدمشقي ثمنها ثلاث مئة درهم، ورطل اللحم بالدمشقي ثمنه سبعة دراهم، والدجاجة ثمنها ثلاثة دراهم. وجميع الأشياء غالية جدًا.