للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يقتصر دور الصوفية على التخريب الاقتصادي، بل تعداه إلى التأثير في الأحداث السياسية والاجتماعية، وذلك من خلال تغلغل الحركة في أوساط العامة والخاصة، ومن ثم فإنَّ الدولة اعترفت بمؤسسات الصوفية وقربت مشايخ الصوفية، حتى إن السلاطين كانوا يفاخرون ببناء الأربطة والخوانق والزوايا لجماعة الصوفية، لاعتقادهم أن بإمكان الفقراء المتصوفة الإتيان بالخوارق، وكشف الضّرّ عن السلاطين، والادعاء بالمكاشفة ومشاهدة الحق (١). ولذا فإن فقراء الصوفية كثيرًا ما دعوا ليرفعوا الضَّرر عن مصاب، أو ليدعوا بالعافية لمريض (٢).

وقد بلغ من تأثير شيخ شيوخ خانقاه سعيد السعداء أن نجح في إبعاد ابن تيمية عن مصر إلى الشام سنة ٧٠٧ هـ = ١٣٠٧ م، حيث حُبس في الشام، بدعوى تكلمه على مشايخ الطريقة، وكان شيخ سعيد السعداء قد جمع فوق خمس مئة صوفي من صوفية الخانقاه وسار بهم في تظاهرة إلى القلعة، وكانت جماعات غفيرة من العامة قد انضمت إلى المظاهرة، وفي القلعة، شكوا للسلطان ابن تيمية، الذي أحالهم بدوره إلى القاضي الشافعي فدفعهم عنه إلى تقي الدِّين علي بن الزواوي المالكي، والذي أصدر بدوره الحكم الذي أشرنا إليه (٣).

وفي دمشق أيضًا عُنِّف ابنُ رمضان الشاهد، لأنه تكلم في حق الفقراء (٤). وضُرِب حتى طلبة التوبة والاستغفار.

بل إن الصوفية كثيرًا ما قاموا بإراقة الخمور والبوزة لأنها محرمة على


(١) الكلاباذي: التعرف لمذهب أهل التصوف، ١٦.
(٢) الصقاعي: تالي وفيات الأعيان، ١٥١.
(٣) ابن طولون: مفاكهة الخلان، ج ١ ص ٢١.
(٤) المرجع السابق ج ١ ص ٩، ٧، حوادث سنة ٨٨٥ هـ.

<<  <   >  >>