للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فى جملتهم الحارث بن سويد عليه ثوب مورس (١) فأمر رسول الله عويم بن ساعدة بأن يضرب عنق الحارث بن سويد. فقال الحارث: فيم يا رسول الله؟ فقال: فى قتلك المجذر بن ذياد يوم أحد غيلة. فما راجعه الحارث بكلمة، وضرب عويم عنقه، فانصرف رسول الله ولم يجلس.

وقد روى أنه قال: يا رسول الله، والله ما قتلته شكا فى دينى، ولكنى لما رأيته لم أملك نفسى، إذ ذكرت أنه قاتل أبى. ثم مد عنقه وقتل.

وكان عمرو بن ثابت بن وقش، من بنى عبد الأشهل، يعرف بالأصيرم - يأبى الإسلام. فلما كان يوم أحد، قذف الله تعالى فى قلبه الإسلام للذى أراد به من السعادة، فأسلم، وأخذ سيفه ولحق بالنبى . فقاتل، فأثبت بالجراح، ولم يعلم أحد بأمره؛ فلما انجلت الحرب طاف بنو عبد الأشهل فى القتلى يلتمسون قتلاهم، فوجدوه وبه رمق يسير، فقال بعضهم لبعض:

والله إن هذا الأصيرم. فأجابه: لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر. ثم سألوه:

يا عمرو، ما الذي أتى بك؟ أحدب على قومك أم رغبة فى الإسلام؟ فقال:

بل رغبة فى الإسلام، آمنت بالله ورسوله، ثم قاتلت مع رسول الله حتى أصابنى ما ترون. فمات من وقته؛ فذكروه لرسول الله ، فقال:

هو من أهل الجنة. قيل: وكان أبو هريرة إذا بلغه أمره يقول: ولم يصل لله قط.

وكان فى بنى ظفر رجل أتى (٢) لا يدرى ممن هو، يقال له قزمان، فأبلى يوم أحد بلاء شديدا، وقتل سبعة من وجوه المشركين، وأثبت جراحا، فأخبر رسول الله بأمره، فقال: هو من أهل النار. فقيل لقزمان:


(١) المورس: الثوب المصبوغ بالورس وهو نبت أصفر يميل إلى الاحمرار.
(٢) الأتى: الغريب وأصل الأتى: السيل الذي يأتى من بلد إلى بلد.

<<  <   >  >>