للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا ائتمن خان) فهذا نفاق عمل، قد يجتمع مع أصل الإيمان، ولكن إذا استحكم وكمل فقد ينسلخ صاحبه عن الإسلام بالكلية، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم، فإن الإيمان ينهي المؤمن عن هذه الخلال، فإذا كملت في العبد ولم يكن له ما ينهاه عن شيء منها فهذا لا يكون إلا منافقاً خالصاً.

(وكلام الإمام أحمد يدل على هذا، فإن إسماعيل بن سعيد الشالنجي (١) قال: سألت أحمد بن حنبل عن المصر على الكبائر يطلبها بجهده، إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة والصوم، هل يكون مصراً من كانت هذه حاله؟ قال: هو مصر مثل قوله (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) (٢) ، يخرج من الإيمان ويقع في الإسلام، ونحو قوله (لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن) (٣) . ونحو قول ابن عباس في قوله:

{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ { [سورة المائدة: ٤٤] .

(قال إسماعيل: فقلت له ما هذا الكفر؟ قال: لا ينقل عن الملة، مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه.

(وهاهنا أصل آخر: وهو أن الرجل قد يجتمع فيه كفر وإيمان، وشرك وتوحيد وتقوى وفجور، ونفاق وإيمان. وهذا من أعظم أصول أهل السنة،


(١) هو إسماعيل بن سعيد الشالنجي أبو إسحاق ذكره أبو بكر الخلال فقال: عنده مسائل كثيرة، ما أحسب أحداً من أصحاب أبي عبد الله - أحمد بن حنبل - روى عنه أحسن مما روى هذا، ولا أشبع ولا أكثر مسائل منه. وكان عالماً بالرأي كبير القدر عندهم معروفاً، له كتاب ترجمه بـ[البيان على ترتيب الفقهاء] . انظر طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (ج ١/١٠٤) .
(٢) ، (٩٠) ، صحيح مسلم (ج١/٧٦) (ح٥٧) كتاب الإيمان.
(٣)

<<  <   >  >>