للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول شوقي:

اتيت والناس فوضى لا تمر بهم ... إلا على صنم قد هام في صنم

والأرض مملوءة جورا مسخرة ... لكل طاغية في الخلق محتكم

مسيطر الفرس يبغي في رعيته ... وقيصر الروم من كبر أصم عم

يعذبان عباد الله في شبه ... ويذبحان كما ضحيت بالغنم

والخلق يفتك أقواهم بأضعفهم ... كالليث بالبهم أو كالحوت بالبلم «١»

وهو هنا يتوجه بحديثه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيقول: لقد جاء مولدك يا رسول الله والناس حياتهم فوضى، وعقائدهم فوضى، تراهم دائما هائمين أمام الأصنام، ومن يراهم يحسبهم أصناما لا يكاد يفرق بين الصنم الحقيقي، والصنم البشري، وقد أتيت يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والأرض مليئة بالظلم يسخرها الطغاة لمصالحهم الشخصية، ويتحكمون في خلق الله الضعفاء.

فهذا كسرى في الشرق يتحكم في شعبه بالغي والعدوان، وهذا قيصر الروم في الغرب يتحكم في شعبه بالكبر والظلم، وهو عن الحق أعمى أصم، فهما يعذبان الرعايا من عباد الله بلا تهمة أو جرم، إنما يأخذان بالشبهات، ويعملان فيهم بالذبح كما تذبح الأغنام عند الأضحية. والناس كذلك يظلم القوي منهم الضعيف، ويفترسه كالأسد الذي يفتك بولد الغنم الصغير الضعيف، أو كالحوت يلتقم صغار السمك.

ويقول كذلك:

أسرى بك الله ليلا إذ ملائكة ... والرسل في المسجد الأقصى على قدم «٢»

لما خطرت به التفوا بسيدهم ... كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم

صلى وراءك منهم كل ذي خطر ... ومن يفز بحبيب الله يأتمم «٣»


(١) البهم: جمع بهمة وهي ولد الضأن والمعاز، والبلم، صغار السمك.
(٢) المسجد الأقصى: بيت المقدس، على قدم: القائمون محتشدون.
(٣) ذو خطر: ذى قدرة منزلية، ويأتمم أي يأتم.

<<  <   >  >>