للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان الإمام البوصيري فقيها وكاتبا وشاعرا ذاعت شهرته بعد قصيدته التي صاغها في مدح خير البرية، واشتهر بها، لما روى قصة حلمه بالرسول والتحافه ببردته صلّى الله عليه وسلّم، وسميت قصيدة البوصيري بالبردة تشبيها لها ببردة كعب بن زهير التي نظمها مدحا في الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم مستشفعا بها عنده وخلع عليها هذا الأسم لأن الرسول عليه الصلاة والسلام خلع على كعب بردته حينما سمع شعره فيه.

وكذلك بردة البوصيري نظمها مدحا في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أصيب (بالفالج) واستشفع بها إلى النبي وإلى الله أن يعافيه ثم نام فرأى النبي صلّى الله عليه وسلّم يمسح على وجهه بيده المباركة وألقى عليه بردته الشريفة، فانتبه من منامه معافى قد بريء من علته.

ونسج البعض حول هذه القصيدة الكثير من القصص والخيالات، بل وضعوا لها شروطا عند قراءتها مثل استقبالهم القبلة والوضوء وغيرهما، ثم جعلوا لها المناقب والفضائل، كما احتقر نسخها وتأجيرها، وشاعت هذه القصيدة وبخاصة في حلقات الذكر والمريدين وغيرهم.

وظلت البردة على الرغم من طعن بعض الفقهاء فيها ذات مكانة مقدسة عند بعض المسلمين «١» .

[الامام البوصيري وقصيدة البردة:]

جزء الإمام البوصيري قصيدته البردة التي مدح بها الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى أجزاء عشرة، كل جزء من القصيدة يمثل واحدة قائمة بذاتها، والقصيدة تتوافر لها واحدة الموضوع وواحدة المضمون.

في الجزء الأول نجد الإمام البوصيري يسير على درب غيره من الشعراء في فصيدته، فهو يبدأ بالنسيب ويتحدث عن معالم ذي سلم في الحجاز وشوقه وحنينه وتلهفه إلى الديار المقدسة، لكنه لم ينغمس انغماس غيره من الشعراء في الغزل المادي، وإنما التزم العفة والاحتشام خلال أبياته.


(١) ديوان البوصيري.

<<  <   >  >>