صاحبها دون غيره من البشر، وشوقي في أبياته لم يلتزم خطأ تاريخيا في ذكر الخلفاء وإنما اعتمد على الصفات المميزة لكل منهم في ذكره لهم مبتدئا بالفاروق عمر بن الخطاب العادل الذي لم يفقه أحد قبله في عدله ثم ينتقل إلى عمر بن عبد العزيز وخشوعه وتقواه وزهده، ثم الإمام علي بن أبي طالب باب مدينة العلم كما ورد على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد وصفه شوقي بالعلم الزاخر والأدب الذاخر والبطولة في الحرب وفي السلم ثم يعرج شوقي على عثمان بن عفان وماثره في حفظ القران وجمع آياته واستشهاده وهو منكب على كتاب الله فكان في هذا مأساتان في كيد الإسلام بتعبير شوقي لم يلتئما، (جرح الشهيد وجرح بالكتاب دمي) ثم يتحدث شوقي عن أبي بكر أول الخلفاء وبلائه في سبيل الإسلام التي تعد من جلائل الأعمال، وفي مقدمتها حرب الردة وانتصاره فيها بعد أن كاد الإسلام يضيع على أيدي فئة باغية وأيضا مواقفه الخطيرة كموقفه يوم أن قبض الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى ربه واعلانه (أن من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) .
فقد كان حقا في هذه اللحظة رجل الموقف الصعب ساعة أن فقد كبار الصحابة رشدهم وذهلوا من صدمة الخبر وهم ليسوا في ذلك كما يرى شوقي:
(فقد مات الحبيب فضل الصب عن رغم) .
١١- المناجاة وعرض الحاجات: -
لم يطرح كعب بن زهير في قصيدته التي القاها أمام الرسول صلّى الله عليه وسلّم حاجة من الحاجات اللهم إلا طلب العفو عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقبوله اعتذاره، وقد تناولنا بالشرح في الأبواب السابقة مقاصد قصيدة كعب بن زهير.
أما الإمام البوصيري فبعد أن مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طلب العفو عن كل ما أسلف في حياته من الذنوب فيقول:
خدمته بمديح استقيل به ... ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم