والإمام البوصيري أيضا لم يتوقف خلال قصيدته عند صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يذكرهم إلا ذكرا عابرا بألقابهم كما في البيت التالي: -
فالصدق في الغار والصديق لم يرما ... وهم يقولون ما بالغار من ارم
فقد أشار هنا وفي هذا البيت إلى لقب أبي بكر الصديق فقط. وورد ذكر الخلفاء الراشدين من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وال بيته في البيتين التاليين كذلك، قال:
ثم الرضا عن أبي بكر وعن عمر ... وعن على وعن عثمان ذي الكرم
والال والصحب ثم التابعين فهم ... أهل التقى والتقى والحلم والكرم
ولا غرو في ذلك فقد انصب كل اهتمام البوصيري على مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والتوسل به ومناجاته وعرض حاجاته على الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو الغرض الأساسي من القصيدة.
أما شوقي فقد تميز عن كعب بن زهير وعن الامام البوصيري على الرغم من اعترافه بأنه نهج نهجه في القصيدة، فقد أفاض شوقي في مدح الخلفاء الراشدين كما مدح في نفس القصيدة الصحابة رضوان الله عليهم بوجه عام، وهذا أمر طبيعي فشوقي منذ البداية مدح حضارة بأكملها بمبادئها وقيمها وروادها وعلى رأسهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومن نهج نهجه وسار على خطاه ومدح الخلفاء الراشدين الأربعة ويضاف إليهم خامسهم عمر بن عبد العزيز، فقد استحقوا هذا المديح لأنهم خلفاء الرسول وخلائف الله في أرضه، وهذا اهتمام بشأنهم وتيمنا بذكرهم وذلك ابتداء من البيت التالي:
خلائف الله جلوا عن موازنه ... فلا تقيسن أملاك الورى بهم
وفيه نجد شوقي يرفع من شأن هؤلاء الخلفاء الراشدين إلى درجة لا يمكن معها أن تقاس إلى جانبهم أملاك الدنيا وسلاطينها، وفي الأبيات التالية. لهذا البيت شدّد شوقي فضائل كل خليفة من هؤلاء الخلفاء وما تميز به من صفات وخلائق صارت دلائل على كل واحد منهم ما إن ذكرت حتى يقفز إلى الذهن