أضواء على لامية كعب في مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم:
عندما أنشد كعب بن زهير قصيدته في مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يخرج عن المألوف عند شعراء الجاهلية إذ بدأ قصيدته كعادتهم قبل الإسلام، فقد بدأها بالغزل والتشوق إلى الحبيب.
وفيه يفصح كعب عن لوعته وشوقه إلى سعاد التي بعدت عنه حتى اضناه الفراق فهو أسيرها لا يجد الوسيلة التي يستطيع أن يفك قيوده منها وما سعاد سوى هذه الحبيبة أو الزوجة كما وردت في بعض الروايات، وينهي هذا الجزء من القصيدة عند البيت الثالث عشر.
وفي هذا الجزء يتعرض كعب بن زهير لوصف حسي، وقد أدهشنا فيه أنه ذكره أمام الرسول صلّى الله عليه وسلّم عقب صلاة الفجر في المسجد فلم ينهه الرسول عليه الصلاة والسلام عن إنشاد هذا الغزل بل رفع عنه العقوبة التي كان قد عاقبه بها وان دل هذا على شيء فهو يدل على تفتح افاق الإسلام وافاق الرسول صلّى الله عليه وسلّم وسماحة المباديء الإسلامية الغراء، وكعب بن زهير عندما تعرض لهذا الغزل لم يكن يقصد الغزل لذاته وإنما اتخذه مدخلا لما سوف يلي ذلك من إعجاب بدين الله ومدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وذلك امتداد لما كان عليه الشعراء وبعد معرفته الإسلام وإيمانه به وعفو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يعد يتعرض في شعره للغزل الحسي. أو غير الحسي ونستطيع أن نقول أن كعبا حينما طرح صورة سعاد إنما يطرح أمام المستمع صورة خيالية متحركة كاملة ليدلل على أنه مفتون بجمالها، وتناسق أجزاء بدنها في الوقت الذي يأمل من تحقيق رغبة في الوصال واللقاء، ولكن من هي سعاد؟
هل هي تلك السعادة التي تحرك شعوره الداخلي لمبايعته للرسول عليه الصلاة والسلام بالإسلام والشهادة أم هي سعادته بدخول الدين الجديد؟ .. وإذا ما تمعنا في بداية القصيدة ونظرنا بعين المتأنى لنفسية كعب فيها تبين لنا أن سعاد ما هي إلا الدعوة الإسلامية والتي هو بعيد عنها، وأنه في شوق إليها بعد أن وصلت إليه رسالة أخيه بجير وفيها أن الرسول أخ كريم وابن أخ كريم، يعفو ويعرض عن الجاهلين، وكعب ممن حق عليهم القتل كغيره، فأحس بنشوة الإيمان