لمحتوى رسالة أخيه الذي سبقه بالإيمان ووجد الأمان في ظل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
إذن سعاد ما هي إلا الدعوة وهو في شوق إليها وإلى التلذذ بمبادئها، وشرب شرائعها السمحة.
وفي الجزء الثاني من القصيدة يتعرض كعب لغرض من أغراض الشعر الجاهلي وهو وصف الناقة أو الراحلة، ولعله غرض ثابت تقريبا في أكثر من المطولات الشعرية، وأغلب هذه القصائد لا بد أن تحتوي على وصف الراحلة إن كانت ناقة أو حصانا، وهنا يبدأ كعب بتمهيد منطقي لوصف ناقته وهي وسيلته للوصول إلى محبوبته وجاءت ضرورة وصف الناقة كأداة للوصول إلى أرض سعاد البعيدة، ويصف ناقته وصف مختص فأهم عارف بطبائع وصفات هذا الحيوان، وليس ذلك بمستغرب عليه وهو يقيم بين النوق فهو يركبها، ويرعاها، ويشرف على تربيتها وولادتها. وعلى أكلها وشربها، ويعرف أنسابها وأنواعها والجيد منها وغير الجيد، والكريم وغير الكريم، والسريع وغير السريع وما إلى ذلك من صفات هذه النوق، وتعرض كعب بن زهير لهذه الناقة من خلال استخدامه المفردات البيئية التي يعيش فيها، ولا يستعير من مفردات ومعاني الحضارات المجاورة كالفارسية والرومانية، بل يعتمد في تعبيره على قاموس البيئة العربية. وهذه الصفات امتدت على مدى واحد وعشرين بيتا. ونجد كعبا قد أنهى هذا الجزء بنهاية مفاجئة بلا تمهيد، لينتقل إلى غرض اخر وهو ما يسعى إليه كعب ليطرحه أمام الرسول صلّى الله عليه وسلّم يمدحه ويظفر بعفوه، وبهذا الانتقال المفاجيء يريد أن يؤكد حقيقة واقعة لمسها إذ يكشف أمام الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه عليهم رضوان الله من خلال أربعة أبيات مركزة كل التركيز، ولكنها تكشف عما في نفسه واحساسه بأن الوشاة ليس لهم إلا بث الفرقة والاساءة ومراعاة مصالحهم الذاتية وتشويه قيمة الإنسان كإنسان، هم الذين بالأمس قد أخبروه باهدار الرسول صلّى الله عليه وسلّم لدمه ولا عفو عنده ولا تراجع ولا مسامحة وهم أيضا الذين استحثوه ودفعوه إلى ذلك مما أورده هذا المورد الخطر واليوم قد تخلوا عنه ونزوعه نحو إلقاء القصيدة