لم يتناول كل من كعب بن زهير والامام البوصيري في قصيدتيهما موضوع الحضارات وان أشار الامام البوصيري إلى الحضارات السابقة كحضارة الفرس والروم، وأشار إلى الظواهر التي صاحبت مولد الرسول عليه الصلاة والسلام وهي ظواهر حضارية مادية لتلك الأمم بشارة عابرة.
بينما يقارن شوقي بين الحضارات القديمة وبخاصة الحضارة الرومانية واليونانية وحضارة مصر القديمة (الفرعونية) فيبدأ القول بأنه في ظل الحضارة الإسلامية اجتمعت للمسلمين سعادة الدارين دار الدنيا ودار الاخرة، دار الدنيا حضارة وفتوحات وملك، ودار الاخرة جنة عرضها السموات والأرض ورضوان من عنده سبحانه وتعالى. فهاتان السعادتان لم تكتبا لأي من تلك الأمم السابقة ولا لأي حضارة من تلك الحضارات، وانما كتبت للمسلمين والمجاهدين في سبيل نشر كلمة الله ودين الله وإعلاء الحضارة الاسلامية القائمة على أسس الدين الاسلامي الحنيف ومن هنا كانت تعبيرات شوقي الرافضة للحضارات القديمة كقوله: -
(دع عنك روما..، وخل كسرى..، واترك رمسيس..) فالحضارة الرومانية التي كان مقرها روما في القديم والحضارة اليونانية التي كان مقرها أثينا عاصمتها لم تترك شيئا للروح الانسانية اللهم إلا التحف وهذه قد حفلت بها بغداد عاصمة الخلافة العباسية الإسلامية بل قد حفلت بأبدع منها من الأحجار الكريمة والدرر وهذا ليس بشيء في نظر شوقي بالمقارنة بالقاعدة الروحية الأخلاقية التي هي عماد الحضارة الإسلامية، كذلك الحضارة الفارسية هي حضارة مادية استخدم لها شوقي الايوان الكسروي كرمز على فخامتها المادية إلا أن هذه الفخامة الحضارية قد هوت واحترقت وصارت دخانا في الهواء ولم يبق لها أثر فالباقي دائما هو القاعدة الروحية، والحضارة الإسلامية تقوم على قيم ومباديء وهدى نوراني من عند الله جل جلاله فهي الباقية.