هذا العرش فاستلم..) وفي ذلك تقديم لمحمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم على سائر الأنبياء والرسل وتعظيم لشأنه بقربه من الله.
وهذا جرس ذو رنين خاص يجمع بين الرهبة والسلامة والألفة مؤكدا أن أحمد شوقي أراد أن يفصل معجزة الاسراء والمعراج عن غيرها لما لها من خاصية تفوق كافة معجزات الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فكل معجزاته فيما عدا الاسراء والمعراج منطقية وقريبة من العقل ولا تحتاج إلى خيال أو قدرة إيمانية خاصة لتصديقها أما قصة الاسراء والمعراج فهي تحتاج إلى قدرة عاتية خاصة بالمسلمين فقط، بل وبالمسلمين العارفين أصول دينهم والواثقين بقدرة الله عليهم ومنهم أحمد شوقي فقد أراد أن يكرم هذه المعجزة، فأضفى على جرس وصفه لها مهابة وعظمة مع بساطة والفة بحيث صارت تجمع بين النقيضين (المهابة والجرس الفخم، والألفة والبساطة) والتي استطاع أن يتفوق فيها على إمامه وشيخه البوصيري تفوقا ليس إيمانيا فقط ولكن تفوقا فنيا في اختيار الألفاظ والأخيلة والمعاني وفي النسق الموسيقي الخارجي والموسيقي الداخلية لشعره، ويعتبر تناول وصف المعجزات ومولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم تفوقا تاما لأحمد شوقي على الإمام البوصيري من الناحية الفنية.
٦- طلب الأمان: -
وهذا الغرض اقتصر على كعب بن زهير فلم يكتب فيه كل من الإمام البوصيري أو أحمد شوقي لانتقاء طلب الأمان لديهما ولأنهما مسلمان أما كعب فهو يطلب الأمان لأنه لم يكن قد أسلم بعد، وإنما تم إسلامه قبيل إلقائه القصيدة أمام الرسول صلّى الله عليه وسلّم بلحظات قصار، فهو يبين لنا أن الناس المغرضين قد نبئوه أي أنه لم يسمع بنفسه، ولذلك فعندما وقف أمام الرسول عليه الصلاة والسلام يطلب منه بأسلوب رقيق قائلا:(مهلا) وهو طلب من الأدنى إلى الأعلى ثم تلاه بكلمة (هداك) وهي توحي بالمدح وتعني بالتفصيل يا من هداك الله، ومن السياق ككل يطلب كعب من الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يتمهل في عقابه بحق الرسالة التي أعطاها الله له صلّى الله عليه وسلّم كما يطلب في البيت الذي يليه أن يترفق به وأن يعيد التحقيق