[قصيدة الامام البوصيري]
أمن تذكر جيران بذي سلم ... مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة ... وأومض البرق في الظلماء من أضم
فما لعينك ان قلت أكففا هتما ... وما لقلبك ان قلت استفق يهم
أيحسب الصب ان الحب منكتم ... ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل ... ولا أرقت لذكر البان والعلم
فكيف تنكر حبا بعد ما شهدت ... به عليك عدول الدمع والسقم
وأثبت الوجد خطى عبرة وضنى ... مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني ... والحب يعترض اللذات بالألم
يا لائمي في الهوى العذرى معذرة ... منى اليك ولو أنصفت لم تلم
عدتك حالي لا سرى بمستتر ... عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعه ... ان المحب عن العذال في صمم
اني اتهمت نصيح الشيب في عذل ... والشيب أبعد في نصح عن التهم
فان امارتي بالسوء ما اتعظت ... من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى ... ضيف ألم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره ... كتمت سرا بدا لي منه بالكتم
من لي برد جماح من غوايتها ... كما يرد جماح الخيل باللجم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها ... ان الطعام يقوى شهوة التهم
والنفس كالطفل ان تهمله شب على ... حب الرضاع وان تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه ... ان الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمال سائمة ... وان هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدر أن السم في الدسم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع ... فرب مخصة شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت ... من المحارم والزم حمية الندم