ويتطرق شوقي أيضا إلى الحضارة المصرية القديمة (الفرعونية) ويقارن بينها وبين الحضارة الإسلامية فيقول: انها حضارة مادية ليس فيها قوة العدل لأن هذه القوة لا تأتي في ظل نهضة مادية ممثلة في بناات عظيمة كالأهرامات والقصور وغيرها، وإنما بنهضة العدل وهذه هي التي حققها الاسلام وطبقت في ظل الحضارة الإسلامية العظيمة.
ويعود شوقي مرة أخرى ليقارن بين الحضارات الرومانية القديمة والحضارة الإسلامية في بعد من أبعاد الحضارة وهو بعد القوانين والشرائع التي تحكم وتحدو ولكنها إذا ما ذكرت إلى جوار الشرائع الإسلامية فانها لا تكون ذات قيمة ويستخدم هنا شوقي أسماء العواصم رموزا للحضارات، فروما عاصمة الحضارة الرومانية القديمة وهي رمز لها وبغداد عاصمة الخلافة الإسلامية في العصر العباسي وهي رمز للحضارة الإسلامية في أوج مجدها واتساعها وعظمتها إذن فلا مجال عند شوقي للمقارنة بين الشرائع الرومانية والشريعة الإسلامية، فالشريعة الإسلامية لا تقف أمامها شرائع الرومان في أي مجتمع من المجتمعات وليس هناك أوضح ولا أعدل في الحكم بين المتخاصمين مما في قوانينهما.
ويقارن شوقي أيضا بين الحكام العظام الذين حكموا في ظل الحضارتين الرومانية القديمة والحضارة الاسلامية في ظل الخلافة العباسية فيقطع بأن الحضارة الرومانية وهي حضارة عظيمة وحكامها كثير منهم عظاماء إلا أنهم إذا ما قورنوا بالرشيد والمأمون والمعتصم لم تكن المقارنة أبدا في صالحهم.
وباختصار لم يوجد بين حكامهم ما يعدل واحدا من هؤلاء الخلفاء المسلمين العظام فالخلفاء المسلمون على شاكلة الرشيد والمأمون والمعتصم كانوا قادة عسكريين لا يشق لهم غبار، ولا يقف أمامهم أبدا قادة عسكريون أو علماء ولا يقف إلى جانبهم أو يدانيهم أصحاب العقول والفهم فهم أيضا علماء يحنى لهم العلماء رؤوسهم إذا تكلموا ليس من هيبة الحكم وإنما من هيبة العلم الذي كانت تجيش به صدور هؤلاء الخلفاء وتبرزه عقولهم الفذة.