(وقد أكد بعض الأدباء أن على الشعراء الذين يمتدحون النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يلتزموا الاحتشام والتأدب) .
وفي الجزء الثاني يتحدث الإمام البوصيري عن النفس الإنسانية والتحذير من هواها، فنتبين من خلال هذه الأبيات والتي بلغت سبعة عشر بيتا أنه عبر عن معاناة الشاعر من النفس الأمارة.
وينتقل الإمام البوصيري بعد أن تحدث عن النفس وأمرها بالطهر والابتعاد عن غواية الشيطان وملذات الدنيا وبعد أن جعل نفسه طاهرة واستعد استعدادا نفسيا للمدح والحديث عن الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم في الجزء الثالث من القصيدة.
ثم ينتقل بعد ذلك في الجزء الرابع من بردته ليتحدث عن مولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم وعن المعجزات التي حدثت أثناء الولادة وقد استغل الإمام البوصيري في هذا الجزء كثيرا من الموضوعات التي قرأها في السيرة النبوية ولعلنا لا نستطيع تأكيدها وإنما علينا طرحها كما وردت، وعلى أهل الفقه التأكدّ من صحتها، فقد انطفأت النار التي كان الفرس يعبدونها، وكذلك بحيرة ساوة العظيمة خسفت بها الأرض وجف ماؤها، وتلك أحداث ذكرها الإمام البوصيري عند حديثه عن مولد النبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم، وعلينا أن نصدقها كمعجزات وإنما على غيرنا تأكيد صحتها وإثبات حقيقتها، ونستطيع أن نقول أن الإمام البوصيري استعاد من خلال هذا الجزء اللحظات التي سبقت مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم ليكون هذا مقدمة للحديث عن معجزات الرسول بعد البعثه.
ويأتي الجزء الخامس ليطرح الإمام البوصيري فيه معجزات النبي في ستة عشر بيتا وتلك المعجزات مؤيدة بما وردت في الأحاديث ومما روى عن أصحاب الرسول الكريم رضوان الله عليهم فهى معجزات واقعية لا مكان للشك فيها وأول هذه المعجزات سجود الشجرة ومعرفة الراهب سمات النبوة في الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو طفل صغير، ويطلب من أبي طالب أن يعود بابن أخيه، وكذلك الغمامة التي تظلله، وانشقاق القمر، وغيرها من المعجزات، ويظل الإمام البوصيري