فهو يحض من خلال هذا البيت أو هذا المعنى الذي يسري في كل أبياته في الحكمة على مقولة أخلاقية يريد منها الربط بين اللذة والضرر، ويؤكد أن هذه اللذة شريرة، وأن المعصية مرتبطة باللذة وأن الهوى مرتبط باللذة وهو كصوفي يأمرنا من خلال أبياته بالتشدد تجاه هذه اللذة ويأمرنا بالاستقامة الشديدة وتأدية الفروض والنوافل وهذا رد فعل لما ساد في مجتمعه، فهو من عصر خفتت فيه أنوار الدين، وتراخت مواكبه، وصار المماليك هم الحاكمين، وصار الفقر شديدا والغنى فاحشا، وفي ظل كليهما، الفقر والغنى تنبت المعاصي وتظهر الشهوات، والفقر والغنى الشديدان هما البيئة التي تولد هذه الدنايا، وعندما تنتشر لابد أن يظهر تيار مضاد ولعلّها قاعدة اجتماعية فالإمام البوصيري أحد الملتزمين بدراسة الفقه والحديث وهو زاهد في الدنيا مقبل على الاخرة يضاف إلى ذلك مرضه وهواجسه وأحلامه التي تدور كلها حول ضعف قدرته المتناهي أمام قدرة الله عز وجل وقدرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم كل ذلك يتوسل بهذه التحذيرات لتكون اسهاما منه في طلب عفو ورضا الله ورسول الله، وحث المسلمين على هذه الطاعات.
ويركز على مدح الرسول وهو الغرض الرئيسي في القصيدة.
وأحمد شوقي يكتب كابن لعصره أيضا، وفي عصره ظهرت الفلسفات الأوربية، وامتص أحمد شوقي رضاب علم السلوك والأخلاق وخلطه بالفلسفة الإسلامية، ويخرج البيت المحوري للحكمة في قصيدته فيقول:(صلاح أمرك للأخلاق مرجعه) ، (والنفس من شرها في مرتع وخم) ، وهنا يختلف أحمد شوقي مع الإمام البوصيري في فلسفتيهما تجاه الشر، فالشر عند الإمام البوصيري هو اللذة، أما عند شوقي فهو النفس الامارة بالسوء، فإن تستقم النفس تستقم الحياة وتعد شيئا جميلا. أما إذا لم تستقم فالشر كل الشر للناس وللحياة وللمسلمين، أما الإمام البوصيري فيعتبر أن النفس وعاء لما تقدمه لها، فإذا قدمت لها اللذة اتجهت إلى الشر وإذا منعت عنها هذا الترف وقومتها اتجهت إلى الخير. وهنا نجد أن فكرة الإمام البوصيري تخالف المذاهب الحسية التي تهتم