ونجد أن البوصيري قد أجاد في وصف الروحانيات وإن كان قد استخدم التشبيهات المادية في بعض الأبيات واصفا الرسول عليه الصلاة والسلام بأبيات منها.
يقول:
فمبلغ العلم فيه أنه بشر ... وانه خير خلق الله كلهم
كالزهر في ترف والبدر في شرف ... والبحر في كرم والدهر في همم
لا طيب يعدل تريا ضم أعظمه ... طوبي لمنتشق منه وملتثم
ومن خلال هذه الأبيات نجد أن الإمام البوصيري قد وضع صفات الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم في موضع روحي لا ينزل به إلى المادية إلا إذا اضطر إلى ذلك اضطرارا.
ويتخذ شوقي طريق الإمام البوصيري في الوصول إلى المدح لرسول الله عن طريق الضراعة والاستغفار ومحاولة التطهر متوسلا بدموعه وعبراته ليقبل منه هذا المدح فيبدأ ببيت مشابه لبيت كعب القائل فيه:
(.. والعفو عند رسول الله مأمول) فيجاري كعبا في.. هذا المعنى مخاطبا الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله:
(ان جل ذنبي عن الغفران لي أمل في الله..)
وهو يبدأ بهذا ويصل فيه إلى أقصى درجات التذلل ويعتبر أن أقصى درجات التذلل للرسول الكريم ليست إلا شيئا يسيرا يقدمه كل ذي تقوى فهو كي يصل إلى مدح الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم لابد أن يمر بمرحلة من التذلل والاستكانة ولزوم بابه طلبا للعفو وللشفاعة يوم القيامة حيث لا يشفع عند الله إلا الرسول الكريم وبعد ذلك يصل في مدح الرسول الكريم إلى المخرج بين الوقائع التاريخية والصفات الروحية ويخلط بين الصفات النفسية والأشكال الطبيعية في الأجرام السماوية، مثل وصفه للرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم بأنه صفوة الباري، وصاحب الحوض؛ ومن التاريخ نجده يستمد هذا التشبيه (نمو إليه.. ورب أصل للفرع في الفخار نمى) ..