وأوصاهم أن يستقصرا هذا الخبر، وينتفعوا به وبما يحدث به من أخبار السماء «١» .
واتفق الرواة على أن الشعر لم يتصل في الجاهلية بأحد إلا في زهير، وفي الإسلام بجرير وكعب، فوالد كعب زهير كان شاعرا، وجده أبو سلمى كذلك، عمتاه (سلمى والخنساء) وخال أبيه بشامه بن الغدير، وابنا عمته (تماضر) الخنساء، وأخوها صخر، وابنا بنته سلمى العوثبان وقريض، وأخوه بجير، وولده عقبة (المضرب) وحفيده العوام بن عقبة، فكلهم شعراء، فكعب أحد الفحول المجيدين في الشعر ومقدم على أهل طبقته، وقال كعب الشعر وهو صغير، فكان أبوه زهير ينهاه ويضربه مخافة أن يقول ما لا فيه خير ولا منفعه، ويحكي أن زهير علم باستمراره في قول الشعر، فدعاه وضربه ضربا شديدا، ثم أطلق سراحه وسرحه في بهمة فانطلق يرتجز فخرج إليه زهير وهو غضبان فدعا بناقته فأردفه خلفه ثم راح يضرب ناقته وهو يريد أن يتعرّف على ما عند كعب ويعلم ما عنده ويطلع على شعره، وتأكد بعد ذلك زهير من استرسال كعب في الشعر فأذن له فقال له: قد أذنت لك يا بني، فنزل كعب إلى أهله قائلا:
أبيت فلا أهجو الصديق ومن ييع ... يعرض أبيه في المعاشر ينفق
وقد ولد كعب في الجاهلية ثم أسلم وامتد به العمر حتى زمن معاوية بن أبي سفيان.
وقد تأخر بجير وكعب عن الدخول في الإسلام، ولما زاد انتشار الإسلام تامر كعب ويجير ضد النبي صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين في المدينة المنورة، فانطلقا حتى بلغا (الابرق) .
قال بجير لأخيه كعب: اقم هنا حتى اتى هذا الرجل فأسمع منه واعلم علمه ثم أعود إليك، وأقام كعب وذهب بجير وبقى كعب ينتظر عودة أخيه بجير الذي امن برسالة السماء لأول وهلة رأى فيها الرسول عليه الصلاة والسلام فأقام