الرسول صلّى الله عليه وسلّم واستبدل وصف الميلاد بأبيات يصف فيها المسلمين الأوائل بأنهم كالأسود وأن ملابسهم ملابس حرب، يملكون من الدنيا بدلة حرب سابغة وسيفا ورمحا ويملكون من الاخرة تهليلا للموت، والطعن لا يقع إلا في نحورهم. وهم لا يتلقون الطعن أبدا وهم مدبرون، وهنا نجد أن كعبا قد حاول التركيز على مدح الرسول بمدح صحابته رضوان الله عليهم والتابعين له، ولم يمدحهم إلا بما رأى منهم مباشرة فغزوة بدر قريبة وسمع عنها ما سمع، يصف ما سمع عن بأس المسلمين في الغزوات، وهو لا يقول هذا رياء وانما يقوله عن خوف من بطشهم، فقد سمع، هدد عندما اهدر دمه، وان تأكده من قوة المسلمين وبأسهم وتعاونهم وتعاضدهم وإيمانهم بما أنزل على الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، ذلك جعله ينبهر بدعوتهم ويمدحهم بما فيهم وليس بزخرف القول ولا بمنمق الكلم.
وبعد كعب نلتقي بالإمام البوصيري في وصفه مولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيتحدث الامام البوصيري في سلاسة ويسر ومباشرة عن مولد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم فيشير إلى الايات والمظاهر التي صاحبت هذا المولد الكريم، من تصدّع الإيوان، وخمود نار المجوس، ويحيرة ساوة، وكيف غاضت، وأصوات الجن تهتف في السماء، وما إلى ذلك من مظاهر ودلالات سجّلها وأشار إليها كل من كتب في السيرة النبوية، واستمدها الإمام البوصيري وغيره، وأول هذه المعجزات حدوث هزيمة أبرهة في عام الفيل عام مولده صلّى الله عليه وسلّم. وقد اتخذ الإمام البوصيري في حديثه عن مولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أسلوبا جديدا على كتابته، فهو لم يخرج بنا إلى الروحانيات كعادته، ولا إلى التهويمات الميتافيزيقية، وإنما التزم التزاما شديدا بتعاقب الأحداث وتواليها، بلا مبالغة أو إضفاء شيء من الرهبة على هذه المواقف، وإنه رغب أن يوصلها لنا كما جاءت في كتب السيرة فهو ملتزم التزاما دقيقا لا يخرج في معظم أبياته عن النظم الجيد والمعنى التاريخي المؤكّد.
أما الشاعر أحمد شوقي فقد كتب ثمانية أبيات في وصف مولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولم يمزج الواقع بالخيال فقط، وانما مزج الواقع بالخيال وبالعاطفة المشبوبة للمسلم المحب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهو لا يحكي بدقة المؤرخ، وإنما ينسج نسيجا شعريا