من مبلغ كعبا فهل لك في التي ... تلوم عليها باطلا وهي أحزم
إلى الله لا العزى ولا اللات واحده ... فتنجو اذا كان النجاة وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت ... من النار الا الطاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه ... ودين أبي سلمى على محرم
فلما بلغ الكتاب كعبا ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه وقد انفض عنه من كانوا بالأمس يدفعونه لهجاء الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا:
(مقتول) ...
فاستقرت عزيمة كعب على أن يستجير بعفو النبي من غضب النبي عليه الصلاة والسلام وانطلق حتى بلغ المدينة فاوى إلى أبي بكر الصديق رضى الله عنه كما تقول بعض الروايات- ليأخذه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهناك رواية أخرى تقول أنه نزل على رجل من جهينة كانت بينه وبين كعب صلة، فغدا به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين صلى الصبح فصلى معه صلّى الله عليه وسلّم، ثم أشار لكعب إلى الرسول فقال: هذا رسول الله فقم إليه، يقول كعب:(فعرفت رسول الله بالصفة فتخطيت حتى جلست إليه) ، وكان كعب ملثما بعمامته فقال: يا رسول الله هذا رجل جاء يبايعك على الإسلام فبسط النبي صلّى الله عليه وسلّم يده فحسر كعب عن وجهه وقال: هذا مقام العائذ بك يا رسول الله، أنا كعب بن زهير وهم به الأنصار عند معرفتهم له لما قدم من اساءة للنبي عليه الصلاة والسلام وتواثبوا يريد كل واحد منهم قتله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: دعوه فإنه قد جاء تائبا عما كان عليه، ونهاهم عنه وبايع كعب النبي عليه الصلاة والسلام وتقول بعض الروايات: أن النبي استنشد أبا بكر ما كان كعب قد قاله في هجائهم فقال صلّى الله عليه وسلّم كيف قال يا أبا بكر؟
فأنشده أياه أبو بكر، فلما بلغ قوله (فانهلك المأمور منها وعلكا) فقال كعب: لم أقل المأمور يا رسول الله وإنما قلت المأمون، فقال النبي مأمون والله مأمون ورضى النبي عليه الصلاة والسلام عن كعب بن زهير فما كان من كعب إلا أن وقف أمام الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأنشده قصيدته التي عرفت فيما بعد بقصيدة البردة، وقد أعجب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهذه القصيدة وبخاصة عندما وصل إلى قوله: