للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ... فقوم النفس بالأخلاق تستقم

والنفس من خيرها في خير عافية ... والنفس من شرها في مرتع وخم «١»

تطغى إذا مكنت من لذة وهوى ... طغى الجياد إذا عضت على الشكم «٢»

وفيها يبين أن النفس هذه أصبحت تهيم على أثر هذه الملذات الدنيوية في لهفة بلا هدف. فطبيعة النفس البشرية أنها تنجرف إلى اللهو وتندفع نحو الملذات البراقة دون تفكير (فالنفس أمارة بالسوء) ، ويميل الشاعر خلال هذه الأبيات إلى الارشاد والتوجيه فيقول: ان صلاح الأمر من صلاح الأخلاق، ولكي تستقيم النفس يجب أن تقوم بالأخلاق، وفي ذلك يتأثر الشاعر بقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

ويؤكد الشاعر أن الجزاء من جنس العمل، فالنفس التي تتخذ من الخير طريقا تجني ثمارا طيبة، والنفس التي تعتاد على فعل الشر فلن تجني إلا ما زرعته وهنا يتضح تأثرّ الشاعر بقول الله سبحانه وتعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ صدق الله العظيم.

ويوضح الشاعر أن النفس إذا ما تركت على هواها، فإنها تغرق في الملذات واللهو وتسقط في الخطيئة، وشبهها في ذلك بالجياد إذا ما عضت على اللجم.

فيدعو الشاعر الإنسان أن يتحكم في نفسه ويراقبها دائما ويحاسبها.

ثم يقول:

ان جل ذنبي عن الغفران لي أمل ... في الله يجعلني في خير معتصم «٣»

القى رجائي اذا عز المجير على ... مفرج الكرب في الدارين والغمم «٤»

اذا خفضت جناح الذل أسأله ... عز الشفاعة لم أسأل سوى امم «٥»


(١) المرتع: من رتعت الماشية: أكلت ما شاءت، والوخم: الرديء الوبيء.
(٢) الشكم: جمع شكيمة وهي الحديدة المعترضة في لجام الفرس.
(٣) عصمة: حفظه مما يوبقه ويهلكه، والمعتصم: الموضع منها أو بمعنى المصدر أي الاعتصام.
(٤) الغمم: جمع غمة وهي الهم والحزن.
(٥) الأمم: اليسير، خفض جناح الذل، التواضع والانكسار.

<<  <   >  >>