للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ}، فهذا يرجع الى كمال المعرفة وثقة القلب، والوَجَل: الفزع من عذاب الله، فلا تناقض.

وقد جمع الله بين المعنيين في قوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} أي: تسكن نفوسهم من حيث اليقين إلى الله، وإن كانوا يخافون الله، فهذه حالة العارفين بالله، الخائفين من سطوته وعقوبته؟ لا كما يفعله جهال العوامِّ، والمبتدِعَةُ الطَّغام (١) من الزَّعيق والزئير، ومن النُّهاق الذي يشبه نُهاق الحمير.

فيقال لمن تعاطى ذلك، وزعم أن ذلك وَجْدٌ وخشوع: لم تبلغ أن تساوي حالَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا حال أصحابه في المعرفة بالله، والخوف منه، والتعظيم لجلاله، ومع ذلك فكانت حالهم عند المواعظ الفهم عن الله، والبكاء خوفًا من الله، ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره


(١) الطَّغام: أراذل الناس وأوغادهم.

<<  <   >  >>