للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتلاوة كتابه، فقال: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة:٨٣]، فهذا وصف حالهم وحكاية مقالهم، ومن لم يكن كذلك فليس على هديهم، ولا على طريقتهم؛ فمن كان مستنًّا فليستَنَّ، ومن تعاطى أحوال المجانين والجنون فهو من أخسِّهم حالًا، والجنون فنون.

روى مسلم عن أنس بن مالك أن الناس سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أحْفَوْهُ (١) في المسألة، فخرج ذات يوم فصعِد المنبر، فقال: "سلوني، لا تسالوني عن شيء إلا بينتُه لكم ما دمت في مقامي هذا"، فلما سمع ذلك القومُ أرَمُّوا (٢) ورهِبوا أن يكون بين يَدَيْ أمرٍ قد حضر، قال أنس: فجعلت ألتفت يمينا وشِمالا، فإذا كل إنسان لاف رأسَه في ثوبه يبكي، وذكر الحديث.

وروى الترمذي وصححه عن العرباض بن سارية


(١) أي: أكثروا عليه، وأحفى في السؤال، وألحف بمعنى أَلَحَّ.
(٢) أَرَمَّ الرجلُ إرمامًا: إذا سكت، فهو مُرِمٌ "النهاية" (٢/ ٢٦٧).

<<  <   >  >>