للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر أن حبيبًا أدخل بينه وبين النعمان واسطة في بعض ما حدث (١) ، ففي هذين الأمرين ما يدعو للشك في ثبوت سماعه من النعمان - عند البخاري -.

ويظهر لي أن الإمام البخاري إنما صحح حديث حبيب بن سالم عن النعمان. للفظ يتضمن قرينة قوية على وقوع النعمان"، والظن الغالب أن الكاتب عند أمير أو قاض (٢) يكون قد التقى سيده، يضاف إلى ذلك قرينة أخرى وهي أن حبيبًا مولى النعمان بن بشير، فيكون تصحيح البخاري للحديث مع عدم ثبوت السماع أو اللقاء لقوة القرائن الدالة على وقوع اللقاء.

٣- حكم البخاري على حديث يرويه عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة في صلاة الخوف أنه حديث حسن (٣) .

وقد رجعت إلى التاريخ الكبير لأرى هل نص البخاري على سماع عبد الله بن شقيق من أبي هريرة؟، فوجدته نص على سماعه من عائشة ولم ينص على سماعه من أبي هريرة، ولكن نقل قولاً لعبد الله بن شقيق فيه قرينة قوية جدًا على لقائه لأبي هريرة! إذ قال: (جاورت أبا هريرة سنة) (٤) .

فلعل البخاري قوى حديث عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة معتمدًا على هذه الكلمة التي هي قرينة على وقوع اللقاء، بل لعلها أقوى من حيث احتمال اللقاء والتصريح بمدة الملازمة من مجرد ورود لفظ "سمعت"، أو "حدثنا" مرة واحدة. وربما أن البخاري اختار هذه الكلمة وفضلها على أن يقول "سمع أبا هريرة" لما في هذه الكلمة من زيادة على مجرد السماع.

وأخيرًا يجب أن نقرر أنه ليس هناك قاعدة مطردة فيما يصلح، وما لا يصلح


(١) تهذيب الكمال (٢/٣٧٤) تحقيق بشار معروف.
(٢) النعمان بن بشير رضي الله عنه تولى إمارة الكوفة في زمن معاوية رضي الله عنه، ثم ولي قضاء دمشق، ثم ولي إمارة حمص. أنظر سير أعلام النبلاء (٣/٤١٢) .
(٣) العلل الكبير للترمذي (١/٣٠٣) ولم يذكر متن الحديث، وقد ساقه الترمذي في سننه (٥/٢٤٣/ [٣٠٣٥] ) .
(٤) التاريخ الكبير (٥/١١٦) .

<<  <   >  >>