تحت يدي من الأحاديث التي قواها البخاري خارج صحيحه لأتحقق مما قاله الإمام ابن كثير ومن تبعه، فجمعت كل الأحاديث التي قال فيها البخاري أنها صحيحة أو حسنة أو قواها بلفظ آخر، فوجدت أن معظمها السماع فيها ظاهر في أسانيدها، والبعض الآخر يعرف سماع رواة السند بالرجوع إلى التاريخ الكبير أو الصغير، والبعض الآخر منها يعرف سماع رواة السند من طرق أخرى.
ولكن استوقفتني أحاديث قواها البخاري، وفي الوقت نفسه قد تكلم في ثبوت لقاء بعض رواتها من بعض أو لمح بعدم ثبوت السماع.
وفيما يلي مناقشة لهذه الأحاديث في المبحث التالي.
المبحث الثاني
هل قوى البخاري أحاديث لم يثبت فيها لقاء أو سماع؟
قبل البدء في مناقشة الأحاديث الآتية أرى أنه من المناسب جدًا أن أنبه على خاصية مهمة في منهج البخاري في علم الحديث بشكل عام.
وهي أن هذا الإمام يعتمد على "القرائن" كثيرًا، ولا يتعامل مع القضايا والأمور المتعلقة بعلم الحديث بسطحية وجمود على الكلمات والشعارات.
وتجد في تحقيقات الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" و "فتح الباري" ما يدل على ذلك وسأقتطف فيما يلي بعضًا من هذا:
قال الحافظ ابن حجر وهو يرد على الدارقطني في انتقاده على البخاري حديثًا بدعوى أن نافعًا لم يدرك عمر:(في سياق الخبر ما يدل على أن نافعًا حمله عن عبد الله بن عمر، فقد قدمنا مرارًا أن البخاري يعتمد مثل ذلك إذا ترجح بالقرائن أن الراوي أخذه عن الشيخ المذكور في السياق)(١) .
وقال في حديث أختلف فيه على هاشم بن هاشم هل هو عن عامر بن سعد عن أبيه أم عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص؟: (والظاهر أن البخاري