إن أقدم وثيقة بين أيدينا شرحت شروط الاحتجاج بالسند المعنعن، وعرضت الآراء في المسالة وأدلة كل رأي، هي مقدمة صحيح الإمام مسلم بن الحجاج.
ومن المعروف أن شيخي الإمام مسلم، علي بن المديني، ومحمد بن إسماعيل البخاري قد قالا باشتراط ثبوت اللقاء ولو مرة واحدة في السند المعنعن كي يحتج به، وأظهرا ذلك في مصنفاتهما، ولكنهما لم يتعرضا إلى شرح مذهبهما وتحديده وأدلته، بل اكتفيا بالتطبيق العملي للمذهب الذي ينتحلانه.
وهذا ما يدعو إلى التساؤل: متى بدأ النقاد يتكلمون في شروط اتصال السند المعنعن؟
ولأهمية هذا السؤال، ولأن المصادر التي وقفتُ عليها ـ لم تتعرض للإجابة عليه فقد تطلبتُ قدر طاقتي، النصوص التي فيها إشارات حول هذه النقطة في أثناء البحث عن موضوع رسالتي هذه.
وقد عثرت على نصوص لشعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد القطان، فيها إشارات واضحة على أن السند المعنعن لا يعتبر متصلاً مالم يثبت سماع رواته بعضهم من بعض، ومن هذه النصوص:
أولاً: بعض ما جاء عن شعبة بن الحجاج في ذلك:
١ ـ قال وكيع بن الجراح (قال شعبة: فلان عن فلان مثله لا يجزي، قال وكيع: وقال سفيان الثوري يجزي)(١) .
وقال شعبة ايضاً (كل حديث ليس فيه "حدثنا" و"أخبرنا" فهو مثل