للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليهم قد ثبتت ملاقاة بعضهم بعضاً مع براءتهم من وصمة التدليس، فحينئذٍ يحمل على ظاهر الاتصال إلا أن يظهر فيه خلاف ذلك) (١) .

وبهذا يتقرر أن الذي يصفو من المذاهب الأربعة السابقة هو المذهب الثالث الذ١ي هو مذهب الإمام البخاري، والمذهب الرابع الذي هومذهب الإمام، مسلم وهذان المذهبان هما موضوع دراستي هذه، وسأتناولهما بالبسط والبحث في البابين الثاني والثالث ـ إن شاء الله تعالى ـ (٢) .

المبحث الرابع

حكم الألفاظ التي بمنزلة "عن"

هناك ألفاظ وصيغ أداء تَرِد في اسانيد المحدثين، وهي مُحتملة للسماع، وفي الوقت نفسه تُطلق فيما ليس بسماع، وهذه الألفاظ مثل: "أنّ" و "قال"، و"ذكر فلان" و "حدث فلان" و " كان فلان" (٣) ..إلخ.

فهل حكم هذه الألفاظ كحكم العنعنة؟ فيكون فيها مذاهب أربعة كالمذاهب التي تمت دراستها سابقاً. أم أنها مختلفة عنها؟ .

وسأتناول بالبحث فيما يلي صيغتي الأداء "أنّ" و "قال"، وعليهما تقاس باقي الصيغ والألفاظ المُحتملة للسماع، وعدم السماع.

أولاً: صيغة الأداء "أنّ" ومثالها: (مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب قال كذا) (٤) ولأهل العلم في حكمها من حيث الاتصال ثلاثة مذاهب هي:


(١) علوم الحديث (ص ٥٦) .
(٢) قال ابن الصلاح في علوم الحديث (ص٥٦) : (وكثر في عصرنا وماقاربه بين المنتسبين إلى الحديث استعمال "عن" في الإجازة، فإذا قال أحدهم: "قرأت على فلان عن فلان" أو نحو ذلك فظُن به أنه رواه عنه بالإجازة، ولا يخرجه ذلك من قبيل الاتصال على مالا يخفى) .
(٣) علوم الحديث (ص ٦٠) .
(٤) التمهيد (١/٢٦) وعلوم الحديث (ص٥٧) .

<<  <   >  >>