للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما ينبغي التنبيه عليه أن الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - لا يبالغ في التشدد إزاء رجال سند الخير الذي يتضمن ثبوت اللقاء أو السماع فمن ذلك:

قال الترمذي: (سألت محمدًا عن هذا الحديث، وقلت له: محمد بن المنكدر سمع من عائشة؟ فقال: نعم. روى مخرمة بن بكير عن أبيه عن محمد بن المنكدر قال: سمعت عائشة) (١) .

ومخرمة بن بكير متكلم في سماعه من أبيه فقد قال مخرمة: (هذه كتب أبي لم أسمع منها شيئًا) (٢) ، وقد تكلم ابن معين وعلي بن المديني وأبوداود وابن حبان في سماع مخرمة من أبيه (٣) ، وقيل إنه سمع منه بعض الشيء قال ابن المديني: (لعله سمع الشيء اليسير، ولم أجد أحدًا بالمدينة يخبرني عن مخرمة أنه كان يقول في شيء من حديثه سمعت أبي) (٤) .

فهذا السند فيه انقطاع، ولكن لعل البخاري احتج بخبر مخرمة بن بكير عن أبيه لأن التدليس كان نادرًا جدًا في المدينة، والسند الذي هو محمد بن المنكدر عن عائشة سند مدني لذا ساغ التساهل فيه، ولعل هناك قرائن أخرى أملت على الإمام البخاري الأخذ بهذا السند، وتساهل البخاري هو في اعتماده هنا على الوجادة، وقد احتج بالوجادة بعض أهل العلم.

٢- السلامة مما يمنع من ثبوت اللقاء:

أ - موانع قادحة:

١- وجود ما يمنع ثبوت اللقاء تاريخيًا:

إذا جاء في خبر أن فلانًا اجتمع مع فلان إلا أن التاريخ لا يسمح بحدوث ذلك لكون أحدهما مات قبل مجيء الآخر، أو رجل عن بلدة قبل دخول الآخر


(١) العلل الكبير للترمذي (١/٣٧٣) ، وقد تكلم في سماع ابن المنكدر من عائشة، انظر تهذيب التهذيب (٩/٤٧٤، ٤٧٥) .
(٢) التاريخ الكبير (٨/١٦) .
(٣) تهذيب التهذيب (١٠/٧٠ - ٧١) .
(٤) تهذيب التهذيب (١٠/٧١) .

<<  <   >  >>