للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا ... الحديث) (١) .

وأكثر من ذلك أن البخاري عد المكاتبة سماعًا، فقال في ترجمة عبيد الله بن أبي جعفر: (سمع منه الليث) (٢) ، وقد صرح الليث بأنه لم يسمع من عبيد الله فقد قال: (لم أسمع من عبيدا لله بن أبي جعفر إنما كان صحيفة كتب إلي، ولم أعرضها عليه) (٣) ، وقد احتج البخاري في صحيحه بعدة أحاديث من طريق الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر (٤) .

ثانيًا: هل المكاتبة كثبوت اللقاء؟

إذا جاء في حديث أن فلانًا بحديث واحد أو بأحاديث معينة، ثم وردت أسانيد من هذا الطريق بالعنعنة، وليست من ضمن المكاتبة، ولم يثبت اللقاء، فهل تقوم المكاتبة مقام ثبوت اللقاء في الاحتجاج بما جاء عنهما معنعنًا؟

لا يخلوا الأمر من حالتين:

١- ثبوت ما يدل على أن أحد الرواة كاتب آخر بجملة من الأحاديث - ويكون الأمر على الإبهام دون تحديد لماهية الأحاديث - فما ورد في هذه الحالة معنعنًا يحمل على أنه من ضمن المكاتبة إلا أن يقوم ما يدل على خلاف ذلك من أن ما روى ليس من المكاتبة.

٢- أن تثبت المكاتبة بين راويين في حديث واحد، ولكن يرد عنهما أسانيد معنعنة، فلا يدري هل ثبت بينهما لقاء أم لا؟ أو هل كاتب أحدهما الآخر بأكثر من حديث أم لا؟

فالحكم في هذه الحالة أن المكاتبة كافية لإثبات اتصال الحديث الذي رويت


(١) صحيح البخاري (٦/١٨٠/ [٣٠٢٤] ) ، كتاب الجهاد والسير، باب لا تمنوا لقاء العدو، وقد قال الدارقطني في التتبع (ص٣٠٥) : (وهو صحيح حجة في جواز الإجازة والمكاتبة، لأن أبا النضر لم يسمع من ابن أبي أوفى وإنما رآه في كتابه) .
(٢) التاريخ الكبير (٥/٣٧٦) .
(٣) المراسيل لابن أبي حاتم (ص١٤٦) .
(٤) انظر صحيح البخاري (١/٤٦٨/ [٢٨٨] ) ، كتاب الغسل، باب الجنب يتوضأ ثم ينام، وانظر أيضًا (١٢/٣٩٩/ [٦٩٩٥] ) ، كتاب التعبير، باب من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام.

<<  <   >  >>