للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام البلقيني مثل قول ابن كثير: (قيل: يريد مسلم بذلك البخاري، إلا أن البخاري لا يشترط ذلك في أصل الصحة، ولكن التزمه في جامعه، ولعله يريد ابن المديني فإنه يشترط ذلك في أصل الصحة) (١) .

وقد أيد الشيخ عبد الفتاح أبوغدة كلام ابن كثير والبلقيني بقوله: (وبهذا التعليل والتمييز بين مذهب البخاري وشيخه علي بن المديني، يخرج البخاري من أن يكون المعني بقول مسلم وإنكاره الشديد، لأنه توسط بين مذهب ابن المديني ومذهب مسلم في المسألة، واستوثق لكتابه "الصحيح" أكثر من مسلم رحمهما الله تعالى، ويكون مذهب الإمام علي بن المديني رحمه الله تعالى إلى التشدد أقرب، فتكون غضبة مسلم وشدته موجهة إليه) (٢) .

ولم يسق أصحاب هذا القول أي شاهد من كلام البخاري أو من أحكامه النقدية التطبقية ما يدل على رأيهم من أن البخاري لا يشترط ثبوت اللقاء في أصل صحة الحديث، مما يجعل قولهم من السهل نقضه والرد عليه.

وقد خالف القول السابق بعض العلماء الذين ذهبوا إلى أن ثبوت اللقاء شرط في أصل الصحة عند البخاري، وليس كما يقول أصحاب الرأي الأول أنه شرط في أعلى درجات الصحة.

فقد قال الحافظ ابن رجب: (وأما جمهور المتقدمين فعلى ما قاله ابن المديني والبخاري وهو القول الذي أنكره مسلم على من قاله) (٣) .

وقال أيضًا وهو يتكلم على مذهب ابن المديني والبخاري: (فإن المحكي عنهما: أنه يعتبر أحد أمرين: إما السماع وإما اللقاء) (٤) .

فيفهم من كلام ابن رجب أن مذهب البخاري هو عين مذهب ابن المديني،


(١) محاسن الاصطلاح وتضمين كتاب ابن الصلاح للبلقيني (ص١٥٨) .
(٢) الموقظة للذهبي، التتمة الثالثة المحال إليها في التعليق على "الموقظة" (ص١٣٧-١٣٨) .
(٣) شرح علل الترمذي (١/٣٦٥) .
(٤) شرح علل الترمذي (١/٣٦٧) .

<<  <   >  >>