كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

الفصل الخامس منهج البخاري في نصوصه النقدية المتعلقة باشتراط اللقاء - المبحث الثاني فرز النصوص النقدية - ص: 184

وسيف هذا مقل الرواية إذا لم يذكر له العلماء غير روايته عن يزيد بن البراء عن البراء، ومعلوم أن البراء بن عازب رضي الله عنه متوفي سنة ٧٢هـ (١) .

فإذا كان سيف يروي عن البراء بواسطة وهو متأخر الوفاة بنحو ثلاثين سنة عن ابن سلام فإن ذلك يشكك في إدراكه لعبد الله بن سلام، وإن كان من المحتمل أن يكون مدركًا له إلا أن القرينة السابقة مع عدم وجود ما يدل على السماع يقوي الظن بأن حديثه عن عبد الله بن سلام غير متصل.

٣- أخرج البخاري في تاريخه حديثًا من طريق محمد بن قنفذ عن أبي هريرة رضي الله عنه، ثم قال: (ولا يعلم لمحمد سماع من أبي هريرة) (٢) .

ومحمد بن قنفذ ثقة (٣) ، ولم يذكر في ترجمته تاريخ لولادته أو وفاته إلا أن جل روايته عن التابعين (٤) ، وقد رأى ابن عمر رؤية (٥) ، وروى عن بعض الصحابة ممن تأخرت وفاتهم كعمير مولى أبي اللحم المتوفي سنة ٧٠هـ تقريبًا (٦) ، وعبد الله بن عامر العنزي المتوفي سنة بضع وثمانين (٧) ، وقد روى عن أمه (٨) أم حرام عن أم سلمة رضي الله عنها، وأم سلمة ماتت سنة ٦٢هـ (٩) .

ومن المعلوم أن أبا هريرة رضي الله عنه مات سنة ٥٧هـ وقيل ٥٨هـ وقيل ٥٩هـ (١٠) . فيظهر مما سبق أن إدراكه لأبي هريرة محل شك وتردد لاسيما أن قرينة إكثاره من الرواية عن التابعين، وأن أقدم صحابي روى عنه هو عمير مولى

---

(١) التقريب (ص٣٠٧) .
(٢) التقريب (ص١٢١) .
(٣) التاريخ الكبير (٤/٢٢١) .
(٤) انظر تهذيب التهذيب (٩/١٧٣) فقد وثقه أحمد وابن معين وأبوزرعة.
(٥) تهذيب الكمال (٣/١١٩٩) .
(٦) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٧/٢٥٥) .
(٧) التقريب (ص٤٣٢) .
(٨) التقريب (ص٣٠٩) .
(٩) تهذيب التهذيب (١٢/٤٦٢) .
(١٠) التقريب (ص٧٥٤) .