للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن بعض ما ذكر وروي لم يسمعه الراوي الأول من الثاني احتمال وارد.

والصنعاني يقول أن كلا الإمامين أخذ بالاحتمال، إلا أن احتمال الإرسال بين المتعاصرين بعيد، لذلك يرى أن مذهب مسلم أوجه وأقوى.

وما ذكره الصنعاني غير وجيه لما يلي:

١- قول الصنعاني ملزمًا البخاري: (فقد حمله على السماع مع الاحتمال، فليجزء مع احتمال الإرسال - مع أنه احتمال بعيد-) (١) فيه نظر لأن الزعم بأن احتمال الإرسال بعيد لا يسلم به لأن الإرسال كان منتشرًا بين المحدثين - كما تقدم إيضاح ذلك في أدلة البخاري على مذهبه - فلا يكون احتمالاً بعيدًا بل هو احتمال قريب والشواهد الكثيرة تؤكد ذلك، والمعتنون بالتحرز من الأسانيد المنقطعة قلة من المحدثين مشهود لهم بالإمامة كشعبة ويحيى بن سعيد القطان، وليس كل المحدثين مثلهما.

٢- هناك فرق بين الاحتمالين فاحتمال أن بعض ما روي لم يسمعه الراوي الأول من الثاني احتمال ضعيف ولو ثبت لكان الراوي بذلك مدلسًا لأنه حدث عمن لقي بما لم يسمعه منه، والأصل السلامة من التدليس.

وأما احتمال أن يكون المعاصر لم يجتمع، ولم يسمع ممن عاصره فاحتمال وارد، والشواهد على حصول ذلك كثيرة جدًا في كتاب المراسيل لابن أبي حاتم، وجامع التحصيل للعلائي، وبهذا يتضح أن ما قاله الصنعاني ضعيف لأن احتمال عدم السماع في بعض ما يروي من صح لقيه احتمال غير قوي لأن من ثبت في حقه ذلك فهو مدلس، والمسألة تبحث خارج نطاق المدلسين.

والثانية: ذكر بعض العلماء أن البخاري لديه بعض الأخطاء في إثبات سماع بعض الرواة الشاميين. قال الذهبي في ترجمة خالد بن اللجلاج العامري: (وقال البخاري: سمع من عمر، والبخاري ليس بالخبير برجال الشام، وهذه من أوهامه) (٢) .


(١) المرجع السابق.
(٢) تاريخ الإسلام (ص٣٥٤) [حوادث ١٠١-١٢٠هـ] .

<<  <   >  >>