بالرد علي بن المديني وفيه نظر أيضًا، جاء في قوله بعد أن ساق نصوص العلماء ممن قال أن علي بن المديني هو المعني: (أسوق دليلاً تاريخيًا يؤكد ذلك بعون الله تعالى، وتوفيقه فأقول:
من المعلوم أن الإمام مسلمًا ولد سنة ٢٠٤، والأرجح سنة ٢٠٦، وسمع الحديث سنة ٢١٨، وتوفي سنة ٢٦١، عن ٥٥سنة رحمه الله تعالى. وقد ألف كتابه "الصحيح" استجابة لطلب صاحبه ومرافقه في الارتحال والتحصيل: الحافظ أحمد بن سلمة النيسابوري.
قال الحافظ الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" ٤: ١٨٦، في ترجمة (أحمد بن سلمة) ما يلي:
"أحمد بن سلمة بن عبد الله، وأبوالفضل البزار المعدل النيسابوري، أحد الحفاظ المتقنين، رافق مسلم بن الحجاج في رحلته إلى قتيبة بن سعيد - إلى بلخ-، وفي رحلته الثانية إلى البصرة، وكتب بانتخابه على الشيوخ، ثم جمع له مسلم "الصحيح" في كتابه. وتوفي أحمد بن سلمة سنة ٢٨٦". انتهى.
قال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" ١٢: ٥٦٦، في ترجمة (مسلم بن الحجاج) : "قال أحمد بن سلمة: كنت مع مسلم بن الحجاج في تأليف "صحيحه" خمس عشرة سنة". انتهى. وجاءت العبارة في "تذكرة الحفاظ" للذهبي أيضًا ٢: ٥٨٩، بلفظ "كنت مع مسلم في تأليف "صحيحه" خمس عشرة سنة، وهو اثنا عشر ألف حديث مسموعة". انتهى.
وقال الحافظ العراقي في حاشيته على "مقدمة ابن الصلاح" ص١٤: "قال أبوالفضل أحمد بن مسلمة: كنت مع مسلم بن الحجاج في تأليف هذا الكتاب سنة خمسين ومائتين". انتهى.
فأفاد النص الذي نقله الحافظ الذهبي أن مسلمًا بقي في تأليف "صحيحه" خمس عشرة سنة. وأفاد النص الثاني الذي نقله الحافظ العراقي - بربطه مع النص الأول - أنه فرغ من تأليفه سنة ٢٥٠، فيكون مسلم قد بدأ في تأليفه سنة ٢٣٥، حين كانت سنة ٢٩سنة، وانتهى منه حين كانت سنة ٤٤سنة، وقد عاش بعد الفراغ من تأليفه ١١سنة.