للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبو بكرة مات سنة إحدى أو اثنتين وخمسين (١) .

وهناك مسألة لها علاقة باشتراط العلم بالمعاصرة لاتصال السند المعنعن وهي: رواية التابعي عن صحابي مبهم بالعنعنة. هل يقبل مسلم هذا السند ولو لم يعلم بتحقق المعاصرة أم يشترط التصريح باللقاء أو السماع من التابعي عن ذلك الصحابي المبهم؟

الحقيقة لم أجد لمسلم كلامًا حول هذه المسألة، ولكن الظاهر من كلامه أن العلم بالمعاصرة شرط لاتصال السند المعنعن مطلقًا، فمقتضى كلام مسلم حول المعاصرة أن لا تقبل رواية التابعي عن صحابي مبهم إلا إذا علمت معاصرته له، فإن كانت المعاصرة على الاحتمال ولم يرد ما يثبتها فحينئذ لابد من التصريح باللقاء أو السماع من التابعي عن ذلك الصحابي المبهم.

وقد نظرت فيما أخرجه مسلم في "صحيحه" من رواية التابعي عن صحابي مبهم فوجدته أخرج من ذلك أحاديث قليلة جدًا بعضها مصرح فيها باللقاء، وبعضها قد جاء عنده من طريق آخر التصريح باسم المبهم، وبعضها رويت بالعنعنة ولكنه أخرجها في المتابعات، ولم أجده أخرج في الأصول إلا حديثًا واحدًا من رواية امرأة من التابعين عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعنعنة. وبيان ذلك كما يلي:

أ - أخرج مسلم في "صحيحه" ثلاثة أحاديث صرح فيها التابعي باللقاء من الصحابي المبهم وهي:

١- حديث تمامة بن حزن القشيري قال: (لقيت عائشة فسألتها عن النبيذ؟ فدعت عائشة جارية حبشية فقالت: سل هذه فإنها كانت تنبذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت الحبشية: كنت أنبذ له في سقاء من الليل، وأوكيه وأغلقه، فإذا أصبح شرب منه) (٢) .

٢- حديث طاووس أنه قال: (أدركت ناسًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: كل شيء بقدر. قال: وسمعت عبد الله بن عمر يقول: قال


(١) التقريب (ص٥٦٥) .
(٢) صحيح مسلم (٣/١٥٩٠) .

<<  <   >  >>