فرواه حماد بن زيد عن عمرو عن محمد بن علي عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا النحو في الروايات كثير يكثر تعداده وفيما ذكرنا منها كفاية لذوي الفهم.
فإذا كانت العلة عند من وصفنا قوله من قبل في فساد الحديث وتوهينه إذا لم يعلم أن الراوي قد سمع ممن روى عنه شيئًا إمكان الإرسال فيه لزمه ترك الاحتجاج في قياد قوله برواية من يعلم أنه قد سمع ممن روى عنه. إلا في نفس الخبر الذي فيه ذكر السماع لما بينا من قبل عن الأئمة الذين نقلوا الأخبار، أنهم كانوا لهم تارات يرسلون فيها الحديث إرسالاً ولا يذكرون من سمعوه منه، وتارات ينشطون فيها فيسندون الخبر على هيئة ما سمعوا فيخبرون بالنزول فيه إن نزلوا، وبالصعود إن صعدوا كما شرحنا ذلك عنهم) (١) .
الدليل الثالث: ذكر مسلم أن هناك أسانيد لا يثبت فيها سماع الراوي من المروي عنه وهي عند أئمة الحديث من الأسانيد الصحيحة التي يحتج بها، وذكر أمثلة على ذلك فقال:
(فمن ذلك أن عبد الله بن يزيد الأنصاري - وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد روى عن حذيفة وعن أبي مسعود الأنصاري عن كل واحد منهما حديثًا يسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس في روايته عنهما ذكر السماع منهما، ولا حفظنا في شيء من الروايات أن عبد الله بن يزيد شافه حذيفة وأبا مسعود بحديث قط، ولا وجدنا ذكر رؤيته إياهما في رواية بعينها.
ولم نسمع عن أحد من أهل العلم ممن مضى، ولا ممن أدركنا أنه طعن في هذين الخبرين اللذين رواهما عبد الله بن يزيد عن حذيفة وأبي مسعود بضعف فيهما. بل هما وما أشبههما عند من لاقينا من أهل العلم بالحديث من صحاح الأسانيد وقويها يرون استعمال ما نقل بها والاحتجاج بما أتت من سنن وآثار.
وهي في زعم من حكينا قوله من قبل: واهية مهملة حتى يصيب سماع الراوي عمن روى. ولو ذهبنا نعدد الأخبار الصحاح عند أهل العلم - ممن يهن بزعم هذا القائل - ونحصيها لعجزنا عن تقصي ذكرها وإحصائها كلها. ولكنا