للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمع ممن هو أقدم موتًا، فإنه قيل: إنه سمع من أبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما) (١) .

وما ذكره الحافظ ابن رجب من أن اشتراط السماع أو اللقاء ينبغي أن يكون إجماعًا من أهل العلم فلا يسلم لأن هذه المسألة خلافية فلا تصح دعوى الإجماع فيها لا من مؤيدي البخاري ولا من مؤيدي مسلم.

وما ذكره الإمام مسلم - رحمه الله - من أنه "لا يعلم عن أحد من أئمة السلف أنهم فتشوا عن السماع في الأسانيد وإنما كان تفقد من تفقد منهم السماع إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس وهر به" لا يسلم به فقد ذكرت في الفصل الرابع من الباب الأول نصوصًا عن شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان تدل على أنهما قد فتشا عن السماع في أسانيد رواة لم يكونوا مدلسين.

وإضافة إلى النصوص التي ذكرتها في فصل "الجذور التاريخية للمسألة" سأذكر هنا نصوصًا عن بعض أئمة المحدثين تدل على أنهم قد فتشوا عن السماع في الأسانيد التي لم يروها من عرف بالتدليس وشهر به.

١- قال الإمام مالك: (لم يسمع سعيد بن المسيب من زيد بن ثابت) (٢) .

وسعيد بن المسيب ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر (٣) ، وزيد بن ثابت اختلف في وفاته ما بين سنة خمس وأربعين إلى سنة خمس وخمسين (٤) ، وسعيد بن المسيب من أحرص الناس على العلم، فيبعد جدًا أن لا يسمع من زيد بن ثابت الذي هو من أعلم الصحابة خاصة في القرآن والفرائض، لاسيما وهما من المقيمين في المدينة.

أضف إلى ذلك أن بعض العلماء قد نص على سماع سعيد من زيد، ومن أولئك علي بن المديني الذي قال في أصحاب زيد بن ثابت: (فأما من لقيه منهم،


(١) شرح علل الترمذي (١/٣٧٢-٣٧٣) .
(٢) الجرح والتعديل (١/٢٣) .
(٣) انظر تهذيب التهذيب (٤/٨٥) .
(٤) سير أعلام النبلاء (٢/٤٤١) .

<<  <   >  >>