للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"معرفة علوم الحديث" ولكن ذكر في النوع الحادي عشر من علوم الحديث ما يلي: (وهذا النوع من هذه العلوم هو معرفة الأحاديث المعنعنة وليس فيها تدليس، وهي متصلة بإجماع أئمة أهل النقل على تورع روايتها عن أنواع التدليس) (١) .

وفي هذا الكلام إطلاق شديد، ومقتضاه أن العنعنة من غير المدلس مقبولة مطلقًا، لذا قال البلقيني معقبًا عن كلام الحاكم: (وهذا ليس فيه تعرض لا للقاء ولا للمعاصرة (٢) .

والأخذ بمقتضى إطلاق كلام الحاكم محل نظر ولا ريب، وقد بين في موضع آخر أن معنعنات غي المدلسين فيها ما ليس بمتصل (٣) مما يدل على تقييد كلامه السابق.

وقال في تعريف المسند: (والمسند من الحديث أن يرويه المحدث عن شيخ يظهر سماعه منه لسن يحتمله، وكذلك سماع شيخه من شيخه إلى أن يصل الإسناد إلى صحابي مشهور إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (٤) .

وظاهر قوله: (لسن يحتمله) أنه يكتفي بالمعاصرة، ولكن ساق سندًا كمثال على ما قاله وبين أن جميع رواة السند سماعهم ثابت من بعضهم البعض.

وقد وقفت على نص للحاكم في كتابه المستدرك يفهم منه أنه يعمل بمذهب مسلم في الحديث المعنعن، فقد أخرج حديثًا لقتادة عن عبد الله بن سرجس.

ثم قال: (هذا حديث على شرط الشيخين فقد احتجا بجميع رواته، ولعل متوهمًا يتوهم أن قتادة لم يذكر سماعه من عبد الله بن سرجس، وليس هذا بمستبعد فقد سمع قتادة من جماعة من الصحابة لم يسمع منهم عاصم بن سليمان الأحول، وقد احتج مسلم بحديث عاصم عن عبد الله بن سرجس، وهو من ساكني البصرة) (٥) .


(١) معرفة علوم الحديث (ص٣٤) .
(٢) محاسن الاصطلاح (ص١٦٠) .
(٣) انظر معرفة علوم الحديث (ص١٨) .
(٤) معرفة علوم الحديث (ص١٧) .
(٥) المستدرك (١/ ... ١٨٦) .

<<  <   >  >>