واحدة فقط، وأما الإمام مسلم فيخالف في ذلك ويرى أن العلم بالمعاصرة من الراوي الثقة غير المدلس مع عدم وجود ما يدل على الانقطاع يكفي لاتصال السند المعنعن.
٢- يحتج الإمام مسلم بالسند المعنعن إذا كان اللقاء فيه ممكنًا بين المعنعن والمعنعن عنه بالإضافة إلى أمور أخرى، وأما الإمام البخاري فقد احتج بأحاديث لم يثبت اللقاء فيها بين المعنعن والمعنعن عنه ولكن احتمال اللقاء يكون قويًا وظاهرًا - كما بينت ذلك في الفصل الثالث من الباب الثاني -.
فالإمام مسلم يرى أن اللقاء مادام ممكنًا ومحتملاً وليس هناك ما يدفعه فهو يكفي لاتصال السند المعنعن إذا توفرت فيه الأمور الأخرى التي نص عليها - رحمه الله -.
وأما الإمام البخاري فالأصل عنده أن السند المعنعن لا يحتج به إلا إذا علم اللقاء، ولكن إذا لم يثبت اللقاء في السند المعنعن وكان احتمال اللقاء قويًا مع السلامة من موانع الاحتجاج الأخرى فإن البخاري يحتج بذلك لاسيما إذا كان الحديث له شواهد، أو في أمر من الأمور التي لا يتشدد فيها أهل الحديث كأحاديث فضائل الأعمال والمغازي ونحوهما، كل ذلك بحسب قوة القرينة عنده - رحمه الله -.
فاختلاف الشيخين حول السند المعنعن الذي يكون اللقاء فيه ممكنًا وغير مستبعد، ولكن ليس في هذا السند قرائن تقوي احتمال اللقاء وإنما الأمر على الإمكان فقط فالإمام مسلم يحتج بذلك، وأما البخاري فلا.
وبهذا يظهر أن هوة الخلاف بين رأيي الشيخين - رحمهما الله - ضيقة، وأن نقاط الاتفاق بينهما أكثر من نقاط الخلاف.