وموضوع هذا البحث في الحقيقة مرتبط بشرط مهم من شروط الحديث الصحيح وهو أن يكون السند متصلاً.
وسأعرض فيما يلي: أهمية هذا البحث، وأهم مشكلاته، وأسباب اختياري له، ومنهجي الذي سرتُ عليه.
١ ـ أهمية البحث:
تتجلى أهمية هذا البحث في النقاط التالية:
١ ـ أنه شديد العلاقة بشرط مهم من شروط الحديث الصحيح وهو "اتصال السند" فالإمام البخاري يرى أن السند المعنعن غير متصل حتى يثبت اللقاء أو السماع بين التلميذ وشيخه، وأما الإمام مسلم فيرى أن السند المعنعن متصل إذا وجد ما يدل على المعاصرة، والبراءة من التدليس، ومالم ترد أدلة بينة على عدم سماع التلميذ من الشيخ.
٢ ـ أن لفظة " عن " صيغة أداء تحتمل السماع وعدم السماع، فقد استخدمت في أسانيد متصلة كما أنها استخدمت في غير المتصلة كالأسانيد المدلسة، والمرسلة، والمنقطعة.
وقلما يخلو سند في كتب الحديث من صيغة الأداء" عن " وهي في حد ذاتها لا تدل على انقطاع، ولا على اتصال في السند، لذا كان من الأهمية بمكان معرفة الشروط التي تجعل الأسانيد المعنعنة متصلة عند إمامين هما أهم من صنف وجمع الأحاديث الصحيحة في تاريخ الإسلام.
٣ ـ وقع خلاف بين المحدثين حول هذه المسألة " هل يكون الحديث متصلاً اكتفاء بالمعاصرة في السند المعنعن أم لابد من ثبوت السماع فيه؟ ".
فاختار جمع من المحققين مذهب الإمام البخاري ومن هؤلاء الذهبي وابن رجب وابن رشيد والعلائي وابن حجر.
وذهب آخرون إلى اختيار مذهب الإمام مسلم ومن هؤلاء المزي وابن كثير، وجمهور أساتذة الصناعة الحديثية في القرن الرابع عشر والخامس عشر كالشيخ أحمد شاكر ـ رحمه الله ـ والشيخ المعلمي اليماني ـ رحمه الله ـ والشيخ