شرط البخاري، وهذا الحديث على شرط مسلم، وهذا على شرط الشيخين فما الذي يقصده من يطلق مثل هذه العبارات كأبي عبد الله الحاكم، ومن جاء بعده؟
هل القصد من قولهم: هذا الحديث على شرط البخاري أي أن هذا الحديث قد ثبت فيه لقاء كل رواته بعضهم من بعض، كما هو شرط البخاري في السند المعنعن؟ .
وهل القصد من قولهم: هذا الحديث على شرط مسلم أي أن هذا الحديث متصل ولو لم يثبت فيه لقاء بعض رواته من بعض اكتفاءً بالمعاصرة وإمكان اللقاء؟
ثم إذا كان مما في السؤالين الآنفين صحيحاً فماذا يعني قولهم: هذا الحديث على شرط الشيخين، وقد عُلِم أن مذهبيهما في السند المعنعن مختلفان؟ .
في البدء لابد من التأكيد على أن ما ورد في الأسئلة السابقة ليس صواباً، والصحيح أني لم أجد أحداً من الأئمة قد بيّن مراد العلماء في قولهم: على شرط البخاري أنه بمعنى ثبوت اللقاء بين رواة السند، أو قولهم: على شرط مسلمٍ أنه بمعنى أن المعاصرة وإمكان اللقاء متحققان في السند ومما يزيدنا يقيناً أنه يستحيل أن يكون المراد من شرط البخاري أو مسلم ما سبق هو مفهوم قولهم: على شرط الشيخين، مع معرفتنا باختلاف قولهما في الحديث المعنعن، ولأن مذهب البخاري في السند المعنعن إذا تحقق في سندٍ لزم أن يتحقق مذهب مسلم، فالأولى ـ لو كان الأمر كذلك ـ أن يقال: على شرط البخاري فقط.
والحق الذي رجحه عدد من المحققين أن معنى قول العلماء في حكمهم على بعض الأحاديث: هذا على شرط الشيخين، وهذا على شرط البخاري، وهذا على شرط مسلم، يعني أن رجال سند هذا الحديث قد أخرج لهما الشيخان، لذا يصفونه بأنه على شرطهما، فأما إذا كان رجال سنده مُخرج لهم في صحيح البخاري، فإنهم يصفون الحديث الذي هذه حاله بأنه على شرط البخاري، وإذا كان رجال سند الحديث مُخرج لهم في صحيح مسلم، يصفون الحديث بأنه على شرط مسلم.