للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحرم بالحج مع المحرمين مريداً بذلك وجه الله وأداء ما افترضه عليه طالباً مرضاته وثوابه، وقلنا بعدم صحة حجة مع تحمله تلك المشاق صار في ذلك حرج وضيق عليه وإبطال لأعماله، وقد قال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ، وقال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) الآيات، وقال صلى الله عليه وسلم: (عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ، وممن قال بصحة حجه والحالة هذه صاحب المغني والشرح والمستوعب والمبدع، وقال به الشيخ أبو الموهب الحنبلي، والشيخ سليمان بن علي وتتمشى صحة حجة على الرواية الثانية عن الإمام أحمد التي تنص على أن الحلق والتقصير ليس بنسك وإنما هو إطلاق من محظور فإنه على هذه الرواية لا شيء على تارك الحلق والتقصير ويحصل الحل بدونه كما تقدم. وبه قالت المالكية لأن عندهم إذا أحرم بالحج بعد كمال سعي العمرة، وقبل الحلاق، يصح إحرامه ولم يكن مردفاً للحج على العمرة وحرم الحلق ويجب عليه هدي لوجوب تأخير الحلق عليه بسبب إحرامه بالحج، فإن حلق لم يسقط عنه الهدي ولزمته فدية أيضاً لحلقه وهو محرم.

والحاصل عندهم أن الواجب أصالة ترك الإحرام بالحج حتى يحلق للعمرة، فإن خالف ذلك الواجب وأحرم بالحج قبل حلقه للعمرة لزمه تأخير الحلق إلى الفراغ من الحج، وأهدى لترك ذلك الواجب الأصلي، فإن قدم الحلق قبل الفراغ من الحج لزمه هدي لترك التأخير الواجب وفدية لإزالة الأذى، قالوا ولو كان الحلق بالقرب كمن اعتمر في آخر يوم عرفة ثم أحرم بالحج ولم يحلق حتى وصل إلى منى يوم النحر فحلق، فيلزمه الدم ولا يسقط عنه لأن الخلق للنسك الثاني لا للأول، كما نقله الحطاب عن الطراز انتهى كلامهم، وحكى صحة حجه، والحالة هذه عن أبي حنيفة، ويأتي إن شاء الله في باب دخول مكة البحث في المتمتع إذا فرغ من عمرته وحجه، ثم علم أنه على غير طهارة فراجعه عند الحاجة إلى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>