ويأتي إن شاء الله الكلام على هذه المسألة في باب الإحصار والفوات، وقد ذكر في المنتهى والإقناع هناك أنه يلزمه دم لرفض الإحرام، وذكرا هنا أنه لا يلزمه دم لرفضه فكلامهما في البابين متناقض إلا أن يحمل على ما قاله الشيخ عثمان النجدي من أن ما هنا في حق غير المحصر، وما هناك في حق المحصر، والله أعلم.
وعند الحنفية إذا نوى رفض الإحرام فصنع ما يصنعه الحلال من لبس الثياب الممنوعة على المحرم من المخيط ونحوه والتطيب والحلق والجماع وقتل الصيد فإنه لا يخرج بذلك من الإحرام ويجب عليه أن يعود كما كان محرماً ويجب دم واحد لجميع ما ارتكب ولو فعل كل المحظورات استحساناً عندهم لأنه أسند ارتكاب المحظورات إلى قصد واحد، وهو تعجيل الإحلال فيكفيه لذلك دم واحد وسواء نوى الرفض قبل الوقوف أو بعده إلا أن إحرامه يفسد بالجماع قبل الوقوف، ومع هذا يجب عليه أن يعود كما كان محرماً، لأنه بالإفساد لم يصر خارجا منه، وإنما يتعدد عندهم الجزاء بتعدد الجنايات إذا لم ينو الرفض في أول ارتكابها واستمر عليها، ثم نية الرفض إنما تعتبر عندهم ممن زعم أنه يخرج من الإحرام بارتكاب الجناية لجهله مسألة عدم الخروج، وأما من علم أنه لا يخرج من الإحرام بالرفض وارتكاب الجناية فإن نية الرفض لا تعتبر منه. وعند المالكية إذا عقد إحرامه لزمه إتمام نسكه وليس له رفضه فإذا رفضه لم يرتفض ولا يلزم رافضه هدي ولا غيره، وأما إذا وقع الرفض في أثناء الأفعال الواجبة عليه كالطواف والسعي ارتفض ذلك الفعل فقط ويكون كالتارك له فيطالب بغيره وأصل الإحرام لم يرتفض.
أما الشافعية: فإنهم لم ينصوا على ذكر الرفض، وإنما ذكروا ما يؤدي إلى معناه، فقال الشيخ زكريا الأنصاري في كتابه أسنى المطالب: فرع إذا صرف الأجير بعد الإحرام عن المستأجر الحج إلى نفسه