أراد الحرم لأنه كله طريق إليها، والفج: الطريق، وقوله تعالى:(هديا بالغ الكعبة) . وقوله تعالى:(ثم محلها إلى البيت العتيق) لا يمنع الذبح في غيرها كما لم يمنعه بمنى، ويلزم تفرقة لحمه في الحرم أو إطلاقه بعد ذبحه لمساكين الحرم إن قدر على إيصاله إليهم بنفسه أو بمن يرسله معه، لأن المقصود من ذبحه بالحرم التوسعة على مساكينه ولا تحصل بإعطاء غيرهم، كذا الإطعام.
قال الخلوتي في حاشيته على المنتهى: قولهم لمساكينه ظاهر تعبيرهم بالجمع أنه لا يجزئ دفعه إلا إلى أقل الجمع، وقياس الفطرة أنه يجزئ إلى واحد، قال شيخنا يعني منصوراً: لكن إلحاقه بالكفارة أشبه فليتنبه انتهى، وقول الخلوتي إلا إلى أقل الجمع أي إلا إلى جمع، قال الشيخ عثمان بن قائد: ظاهر تعبيرهم بالجمع أنه لا يجزئ الدفع لواحد كالفطرة، اللهم إلا أن يقال المراد الجنس، لكن قال الشيخ منصور: إلحاقه بالكفارة أشبه فتأمل انتهى، قال الشيخ مرعي في غايته: ويتجه فلا يجزئ اقتصار على واحد، بل ثلاثة، واحتمل أو اثنين وقياس الفطرة يجزئ اقتصاره على واحد انتهى.
قال في التحفة لابن حجر الشافعي: ويجب صرف لحمه إلى مساكينه، أي الحرم أي ثلاثة منهم، قال الشرواني في حاشيته: ويكفي الاقتصار على ثلاثة من فقرائه أو مساكينه وإن انحصروا، لأن الثلاثة أقل الجمع، فلو دفع إلى اثنين مع قدرته على ثالث ضمن له أقل متمول انتهى. ومساكين الحرم من كان مقيماً به أو وارداً إليه من حاج وغيره ممن له أخذ زكاة لحاجة كالفقير والمسكين والمكاتب والغارم لنفسه، بخلاف المؤلف الغني والغارم للغير إذا كان غنياً، فإن دفع من الهدي أو أو الإطعام إلى فقير في ظنه فبان غنياً أجزأه كالزكاة، قال الشيخ مرعي في غايته، ويتجه لا إن ظنه نحو مسلم فبان عكسه انتهى، ويجزئ نحره في أي نواحي الحرم كان الذبح، قال الإمام أحمد: مكة ومنى واحد، ومراده في الإجزاء لا في التساوي في الفضيلة