للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بن عبد الله، فانظر يا أخي إلى هذا الفضل الكبير والعطاء الكثير فإذا كان هذا على هذه الرواية فما بالك بها في رواية عبد الله بن الزبير التي قال فيها (وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في مسجدي هذا) فإنه يزاد على العدد المذكور تسعمائة وتسعة وتسعون مرة؛ يعني أن العدد الذي ذكرناه هنا يكون على رواية ابن الزبير جزءاً واحداً من ألف جزء والله أعلم. وهذا شيء يعجز الحاذق الماهر في الحساب عن ضبط سنينه وأعوامه ولياليه وأيامه، فحق لمثل هذا الحرم الشريف أن تشد إليه الرحال وتتلف فيه أنفس الرجال فضلاً عن الأموال.

وفي أحكام المساجد للزركشي الشافعي: روى أحمد والبزار وابن حبان في صحيحه من حديث حماد بن زيد وغيره عن حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمائة ألف صلاة) وإسناده على شرط الشيخين لا جرم صححه ابن عبد البر وقال إنه الحجة عند التنازع وإنه نص في موضع الخلاف قاطع عند من ألهم رشده ولم تمل به عصبيته، يعني في القول بأفضلية مسجد المدينة على المسجد الحرام، ثم ذكر أن بعض الناس طعن في حبيب المعلم، وبعضهم أعلّ الحديث ورد ذلك بما يطول ذكره، ثم نقل عن الذهبي أنه قال إسناده صالح، وروى ابن عبد البر هذا الحديث بإسناد آخر ثم قال ورجال إسناده علماء أجلاء ولم ينفرد ابن الزبير بذلك، بل روى ما يوافقه أنس وجابر وأبو الدرداء، ولقد أحسن القائل في مدح مكة:

أرض بها البيت المحرم قبلة ... للعالمين لها المساجد تعدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>